موقع السراج
وصايا النبي صلى الله عليه و سلم
حقوق الحيوان في الإسلام
الحيوان في حياة الصحابة رضي الله تعالى عنهم جميعا
تكثر الأمثلة التي تظهر عناية الصحابة رضوان الله عليهم بالحيوان و رفقهم به و كيف لا وقد رباهم المعلم الأكبر النبي صلى الله عليه و سلم على ذلك بل و كان نعم القدوة في رحمته بكل الكائنات و لهذا سنكتفي هنا بسرد بعض الأمثلة لتوضيح الفكرة.
أبوهريرة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن كبار الصحابة، وقد أجمع أهل الحديث أن أبا هريرة أكثر الصحابة روايةً وحفظاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، اسمه في الجاهلية عبد شمس بن صخر، ولما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن صخر الدوسي،. و قد سمي أبوهريرة رضي الله عنه بهذا الاسم، لحبه للقطط؛ لدرجة أنّ هرةً صغيرةً كانت تلازمه أينما ذهب، وكان عطوفاً عليها يطعمها ويسقيها.
يحدث الإمام الزمخشري عن نفسه أن إحدى رجليه كانت ساقطة، وكان يمشي في جارن خشب، فلما دخل بغداد سئل عن سبب قطع رجله -وكان يظن أن ذلك بسبب برد خوارزم الشديد- لكنه قال: دعاء الوالدة، وذلك أني كنت في صباي أمسكت عصفوراً وربطته بخيط من رجله، فأفلت من يدي، فأدركته وقد دخل في خرق، فجذبته فانقطعت رجله في الخيط، فتألمت والدتي لذلك وقالت: قطع الله رجل الأبعد كما قطعت رجله، يقول: فلما وصلت إلى سن الطلب، رحلت إلى بخارى أطلب العلم، فسقطت عن الدابة، فانكسرت رجلي، وعملت عليّ عملاً أوجب قطعها.
قال البيهقي في الشعب: وكان عدي بن حاتم الطائي يفت الخبز للنمل، ويقول: إنهن جارات ولهن علينا حق الجوار.
وكان الإمام أبو إسحاق الشيرازي يمشي في طريق يرافقه فيه بعض أصحابه، فعرض لهما كلب فزجره رفيق الإمام أبي إسحاق فنهاه الإمام وقال: أما علمت أن الطريق بيني وبينه مشترك. (سير أعلام النبلاء - الطبقة الخامسة والعشرون - أبو إسحاق الشيرازي)
وقد حوّل المسلمون الرحمة بالحيوان في حضارتهم إلى واقع معيش فأنشأوا مساقي الكلاب وفي العصر المملوكي وبالتحديد في تكية محمد بك أبو الذهب بنيت صوامع للغلال لتأكل منها الطير وأنشأوا مبرات للبيطرة وصيروها علماً لتخفيف الألم عن الحيوان.
كما أن إبن عمر رأى راعي غنمٍ في مكانٍ قبيحٍ وقد رأى ابن عمر مكانًا أمثلَ منه فقال ابنُ عمرٍ : ويحك يا راعيَ حوِّلْها فإني سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول: ((كلُّ راعٍ مسؤولٌ عن رعيَّتِه))
و عن أبى هريرة رضى الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلوا فى مراح الغنم وامسحوا رغامها فإنها من دواب الجنة)) و (المراح :أي مأواها ليلا) - رواه البيهقي.
و معنى (امسحوا رغامها): والرغام (بالغين) هو التراب ،
وروي (الرعام) بالعين وهو ما سال من أنف الشاة . والمعنى : امسحوا عنها التراب ، أو امسحوا ما سال من أنفها ، إصلاحا لشأنها ، ورعاية لها.
و قد كان الخلفاء في الدولة الإسلامية يوصون الشَّعب بالرِّفق بالحيوان، ومنع الأذى عنه، والإضرار به؛ فقد أذاع عمَر بن عبدالعزيز في إحدى رسائله إلى الولاة أن ينهوا الناس عن ركض الفرس في غير حقٍّ، وكتب إلى صاحب السكك وهي وظيفة تشبه مصلحة السير ألاَّ يسمحوا لأحدٍ بإلجام دابَّته بلجام ثقيل، أو أن ينخسَها بمقرعة في أسفلها حديدة.
وكان مِن وظيفة المحتسِب - وهي وظيفة تشبه في بعض صلاحياتها وظيفةَ الشرطي في عصرنا الحاضر- أن يمنعَ الناس من تحميل الدوابِّ فوق ما تطيق، أو تعذيبها وضَرْبها أثناء السَّيْر، فمَن رآه يفعل ذلك أدَّبه وعاقَبه.