موقع السراج
وصايا النبي صلى الله عليه و سلم
حقوق الحيوان في الإسلام
الرد على الشبهات
شبهة القسوة مع الحيوان باستخدام الذبح
الأضحية: هي ما يذبح من بهيمة الأنعام -الإبل والبقر والغنم- تقربًا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق بشرائط مخصوصة.
شرعت الأضحية لحِكَمٍ كثيرة منها:
أولًا: الشكر لله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة، والأضحية صورةٌ من صور الشكر لله سبحانه وتعالى، فيتقرب العبد إلى ربه بإراقة دم الأضحية امتثالًا لأمر الله سبحانه وتعالى حيث قال: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) - سورة الكوثر آية 2.
ثانيًا: إحياء سنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام حين أمره الله عز وجل بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليهما الصلاة والسلام في يوم النحر، وأن يتذكر المؤمن أن صبرهما وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد كانا سبب الفداء ورفع البلاء، وأن يقتدي بهما في الصبر والطاعة.
ثالثًا: ذبح الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء والتصدق على الفقراء، وقد مضت السنة منذ عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التوسعة على الأهل وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء يوم الأضحى.
رابعا: تحقيق فضيلة التقوى وذلك بالإذعان والطاعة والانقياد لأمر الله تعالى حيث قال: (للَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ) – سورة الحج آية 37، لتتحقق التقوى كذلك بحسن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، في هديه وبيانه لشروط الأضحية التي تدور حول سلامتها من العيوب تقوى للمضحي ونفعا للفقير.
آداب ذبح الاضحية
- لابد من إراحة الأضحية و إكرامها بالطعام و الشراب و الرعاية قبل الذبح
- الإحسان في ذبحها بحيث تكون بآلة حادة يمررها على محل الذبح بقوة وسرعة وقيل هذا من الآداب الواجبة لظاهر قول النبي: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)) - رواه مسلم وهذا القول هو الصحيح.
- أن يقلدها ويـُجَلِّلها قياسًا على الهدي؛ لأن ذلك يشعر بتعظيمها؛ قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) - سورة الحج آية 32، والتقليد: تعليق شيء في عنق الحيوان ليعلم أنه هدي أو أضحية، والتجليل: إلباس الدابة (الجُل) بضم الجيم، ويجوز فتحها مع تشديد اللام، وهو ما تغطى به الدابة لصيانتها.
- أن يسوقها إلى مكان الذبح سوقًا جميلًا لا عنيفًا ولا يجر برجلها إليه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)) - رواه مسلم.
- أن يستر السكين عن البهيمة عند حدها فلا تراها إلا عند الذبح.
- لابد من التأكد من قطع الشريان والوريد لسرعة موتها بدون ألم.
- لا يجوز أن ترى الأضحية ما سبق ذبحة من الأضاحي الى جانب العديد من الآداب الأخرى التي تفيض بالرحمة بالأضحية.
و في مقالة للدكتور علي جمعه عضو هيئة كبار علماء الازهر الشريف و مفتي الديار المصرية الأسبق في موقعه كتب ما يلي:
الأضحية والرفق بالحيوان (1)
" فذبح الحيوان وهو يسمى في الفقه الإسلامي بالذكاة الشرعية، ويعرفها الفقهاء بأنها هي عبارة عن قطع مخصوص [ما بين اللبة وهي أسفل العنق واللحية وهي شعر الذقن] لحيوان مباح الأكل بنية القصد لله وذكره عليه.
ولذلك فالمسلمون يرون أن أي حيوان يموت أو يقتل بغير الذبح هو ميتة يحرم أكلها، وقد ذكر القرآن أشكال من قتل الحيوان بغير ذبح كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، فقال تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) - سورة المائدة آية 3
يقول القرطبي: «الميتة: ما فارقته الروح من غير ذكاة مما يذبح, وما ليس بمأكول فذكاته كموته كالسباع وغيرها» [تفسير القرطبي]. وقال الألوسي في شأن تحريمة الميتة : «أي أكلها والانتفاع بها وأضاف الحرمة إلى العين مع أن الحرمة من الأحكام الشرعية التي هي من صفات فعل المكلف وليست مما تتعلق بالأعيان إشارة إلى حرمة التصرف في الميتة وهي التي ماتت من غير ذكاة شرعية من جميع الوجوه» [روح المعاني].
ويستنبط الأطباء العلاقة بين المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة باعتبارهم أشكال للحيوان الميت الذي يحرم أكله، فيرون أن القاسم المشترك الذي يجمع بين هو أن الدم بقي في جسمها.
ويقول الدكتور جون هونوفر لارسن - أستاذ قسم البكتريا في مستشفي غيس هوسبيتال – المستشفى الرسمي – اكبر مستشفيات كوبنهاجن: (الميتة مستودع للجراثيم، ومستودع للأمراض الفتاكة، والقوانين في أوربا تحرم أكل الميتة.كما يقول: إن قوانيننا الآن تحرم أكل لحم الحيوان إذا مات مختنقاً. حيث اكتشفنا مؤخراً أن هناك علاقة بين الأمراض التي يحملها الحيوان الذي يموت مختنقاً وبين صحة الإنسان. حيث يعمل جدار الأمعاء الغليظة للحيوان كحاجز يمنع انتقال الجراثيم من الأمعاء الغليظة – حيث توجد الفضلات – إلى جسم الحيوان والى دمه طالما كان الحيوان على قيد الحياة. ومعلوم أن الأمعاء الغليظة مستودع كبير للجراثيم الضارة بالإنسان، والجدار الداخلي لهذه الأمعاء يحول دون انتقال هذه الجراثيم إلى جسم الحيوان، كما أن في دماء الحيوان جداراً أخر يحول دون انتقال الجراثيم من دم الحيوان، فإذا حدث للحيوان خنق فانه يموت موتاً بطيئا.)
إذن نعلم من ذلك أن في تحريم الدم حماية للإنسان، فتتجلى رحمة ربنا عند قراءة قوله : (ِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) - سورة الأنعام آية 145. قال الشوكاني : (اتفق العلماء على إن الدم حرام نجس لا يؤكل ولا ينتفع به).
وعلميا الدم هو هذا السائل الأحمر القاني الذي يتكون من أخلاط عديدة منها الخلايا الحمراء الممتلئة بمادة الهيموجلوبين التي تقوم بنقل الأكسجين إلى مختلف خلايا الجسم, والخلايا البيضاء التي تدافع عن الجسم ضد غزو حاملات الأمراض من الجراثيم والطفيليات, والصفائح التي تتحطم حول نزيف الدم من أجل تجلطه.
ويحمل الدم سموماً وفضلات كثيرة ومركبات ضارة، وذلك لأن إحدى وظائفه الهامة هي نقل نواتج استقلاب الغذاء في الخلايا من فضلات وسموم ليطرحه خارج الجسم عبر منافذها التي هيأها الله لهذا الغرض, وأهم هذه المواد هي: البولة وحمض البول والكرياتنين وغاز الفحم كما يحمل الدم بعض السموم التي ينقلها من الأمعاء إلى الكبد ليصار إلى تعديلها.
والأحكام الشرعية تؤثر في الروح وفي القلب وليس هناك انفصال بين دائرة الاعتقاد ودائرة الامتثال، فالاعتقاد هو الأساس، وهو ما وقر في القلب، ولكن لابد أن يصدقه العمل وهو الامتثال. وتأملت في تحريم الله علينا الدم والميتة ولحم الخنزير فوجدت أن تلك الأحكام أنشأت نفسية للمسلم يجعلها هي أبجديته التي يتعامل بها في حياته في جميع مناحيها السياسية، والاقتصادية، والحضارية، والفكرية، والاجتماعية، وغيرها. وظهر هذا في تاريخ المسلمين في كل بلادهم شرقا وغربا.
ولذلك لم نر المسلمين عبر تاريخهم يبيدون الشعوب، أو يستعمرون الناس استعمار هيمنة واستغلال، أو يدخلون البلاد لرفع الطغيان وصد العدوان فيحولونها إلى حمام دم يهون معه الطغيان ويرضى بإزاءه العدوان، ويتمنى الإنسان أن لم يأت ذلك المنقذ الذي اتضح منقذ خسيس من أجل أن يحرره، وأن يدافع عنه.
والسؤال الذي يثير الفكر ويدعو إلى التأمل هو ما الرابطة بين تحريم الدم والميتة واعتبار تسبيح الكون وسجوده، بين عمارة الدنيا وبين استباحة الدم والميتة وبين خراب الدنيا. تأمل. لعل الله أن يفتح عليك.
فتحريم الدم المسفوح ليس من أجل أنه يسبب ضررًا من ناحية الطب بقدر ما أنه يسبب ضررًا من ناحية الأخلاق، والتجرؤ على شكل الدم، وعلى رفع الحاجز النفسي بين الإنسان وبين سفك دماء البشر، وتحريم الخنزير كذلك، فإنه الحيوان الوحيد -كما يقال- الذي لا يغار على أنثاه، وهو أيضا تعود على أكل القاذورات بشكل أساسي.
ويحاول بعضهم -وقد يكون صادقا، وقد يكون غير دقيق- أن يربط بين التحريم وبين الضرر الجسدي، وأن يبحث في حكمة التحريم بالمسائل الطبية، إلا أن التحريم لا يقتصر على هذا الجانب، بل إنه يبني نفسًا، ويعمق شعورًا لدى الإنسان يساعده في نشاطه الاجتماعي، وفي عمارته للدنيا، ولذلك لا يقبل المسلم حلولاً لأزماته الكمية بتحليل الحرام، فقد يقترح بعضهم إذا ما وقع مجتمع ما في أزمة لحوم، أن يربي ذلك المجتمع الخنزير وأن يأكله، فالخنزير كثير التناسل، ونفقته قليلة، ويمكن أن يحل المشكلة بطريقة كمية، ولكن (سلطان الكم) ليس هو كل شيء في هذه الحياة.
ولقد كتب في هذا المعنى رينيه جينو (عبد الواحد يحيى رحمه الله تعالى) كتابه الماتع (سلطان الكم وعلامات الزمان) وهو في نسخته الإنجليزية (The Reign of Quantity & the Signs of the Times) وفيه يبين أن من سمات عصرنا سيطرة الكم على معيار التقويم، فأصبح الكم هو المسيطر على السوق وعلى الاستهلاك.
فلا تعارض بين الرحمة بالحيوان، والامتثال لأمر الله بذبحه للانتفاع الذي أذن الله به، ولتحقيق وظيفة هذا الحيوان في الكون التي خلقها الله من أجله، وهي أن يأكله الإنسان ليحدث التوازن البيئي الكوني. رزقنا الله الفهم عنه والامتثال لأمره وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
طريقة الذبح الإسلامية
لابد أن يتم الذبح سريعا و في حركة واحدة دون رفع السكين عن الأضحية و يكون ذبح الرقبة عرضيا دون مس النخاع الشوكي لقطع الحلقوم و المريء و الودجين و الشرايين السباتية مما يسبب:
- فقد سريع للوعي للحيوان و بالتالي يكون الموت سريعا و رحيما بالحيوان
- عدم قطع الصلة بين المخ و سائر الاعضاء نتيجة وجود النخاع الشوكي سليما و بالتالي يستمر في ارسال رسائل للقلب و الرئتين مما يؤكد استمرار القلب في ضخ الدماء و من ثم يصفى جسم الأضحية من الدماء و هو ما يجعل اللحم أكثر صحة للإنسان.
تجربة البروفيسور شولتز و الدكتور حازم من جامعة هانوفر – المانيا لدراسة تأثير طرق قتل الحيوان المختلفة و تأثيرها على الحيوان و جودة اللحم أجري البروفيسور شولتز و الدكتور حازم بجامعة هانوفر بالمانيا التجربة التالية حيث استخدما قياسات جهاز مخطط قياس كهرباء المخ (ElectroEncephaloGraph (EEG)) و مخطط قياس كهرباء القلب (ElectroCardioGram (ECG)) و اليكم نتائج التجربة:
نتائج الذبح بالطريقة الإسلامية
- في أول ثلاث ثواني من الذبح وفق قياس كهرباء المخ لم يظهر أي تغير على قراءات الجهاز قبل الذبح مما يؤكد أن الحيوان لم يشعر بألم أثناء أو بعد الذبح مباشرة
- بعد ثلاث ثواني اشارت قراءات الجهاز الى بلوغ الحيوان مرحلة من النوم العميق (اللا وعي) و هذا نتيجة كمية الدماء الكثيرة المندفعة من الجسم مما أدى الى حدوث حالة إغماء تام للحيوان
- بعد ست ثواني بلغت قراءة جهاز كهرباء المخ (صفر) مما يعني عدم وجود اية شعور بالالم
- بعد بلوغ قياسات المخ المستوى الصفري استمر القلب في النبض و ضخ الدماء و ظهرت تشنجات في الجسم (كرد فعل من النخاع الشوكي) مما تسبب في خروج كميات كبيرة من الدماء من الجسم (و من ثم أصبح لحم الأضحية أكثر صلاحية صحيا للأكل)
أما عن الحيوان الذي قتل رميا بالرصاص فقد كانت النتائج كالتالي:
- أظهر قياس كهرباء المخ أن الحيوان كان في حالة ألم شديد
- توقف القلب عن النبض مبكرا (قبل طريقة الذبح الإسلامية) و بالتالي تم احتجاز الدماء داخل جسد الحيوان (أي ان اللحم اصبح أكثر ضررا و أقل صحيا للأكل)
و من هنا يظهر أن الذبح الإسلامي نتج عنه الم أقل للحيوان و لحم أكثر صحة للإنسان
فتوى تخدير الحيوان قبل ذبحه
و عن تخدير الحيوانات بالغاز أو بمادة مخدرة توضع بطعامهم وشرابهم قبيل ذبحهم فقد أفتى بجواز تخدير الحيوان قبل ذبحه الشيخ (ابن باز) الفتوى رقم (7301)، والفتوى رقم (18476) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء/المجموعة الرابعة. وأيضا أفتى الشيخ (ابن عثيمين) بجواز تخدير الحيوان قبل ذبحه (فتاوى نور على الدرب، فتاوى الأطعمة والذكاة والصيد/الشريط رقم 1.)
كما قالت دار الإفتاء المصرية: (يجوز شرعًا إضعاف مقاومة الحيوانات قبل ذبحها؛ سواء أكان ذلك بتخديرها تخديرًا خفيفًا، أم بصعقها بتيار كهربائي منخفض الضغط، أم بغير ذلك مِن الأساليب التي يقررها المتخصصون، بشرط ألَّا يؤدي هذا التخدير أو الصعق إلى موتها لو تُرِكَت دون ذبح، بل تحيا حياةً مستقرة، ثم تُذبَحُ بعد ذلك بالطريقة الشرعية في الذكاة، فتكون حلالًا حينئذٍ. فإذا أدَّى شيءٌ مِن ذلك لِموتِ الحيوان قبل ذبحه فإنه يعتبر ميتةً ويَحرُمُ أكلُه).