موقع السراج
وصايا النبي صلى الله عليه و سلم
حقوق الحيوان في الإسلام
الحيوان في السنة النبوية المطهرة
إلى جانب ما سبق ذكره من أحاديث و قصص حث فيها نبي الله صلى الله عليه و سلم على الرحمة بالحيوان و الرفق به فإنه صلى الله عليه و سلم قد علَّم أصحابه - رضوان الله عليهم - إذا نزلوا في السفر ألا ينشغلوا بالصلاة، حتى يُنْزِلُوا الرحالَ عن الدوابّ، فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: (كنا إذا نزلنا منزلاً لا نسبح حتى تُحَلّ الرحال) - أخرجه أبو داود (2551).
وفي رواية عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم دخل بستاناً لرَجُلٍ مِن الأنصار، فإذا جَملٌ، فلَمَّا رأى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حنَّ وذرِفَت عيناه، فأتاهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فمَسحَ ذِفراهُ فسكت، فقال صلى الله عليه و سلم : ((مَن ربُّ هذا الجملِ، لمن هذا الجمل؟)) فَجاءَ فتًى منَ الأنصار، فقال لي رسول اللَّه: ((أفلا تتَّقي اللَّهَ في هذه البهيمة الَّتي ملَّكَكَ اللَّهُ إيَّاها؟ فإنَّهُ شَكا إليَّ أنَّكَ تُجيعُهُ وتُدئبُهُ ) (أي تتعبه بكثرة العمل) - رواه أبو داوود وصححه الألباني.
و عن أم معبد رضي الله عنها (وهي السيدة عاتكة بنت خالد، وعُرِفت بكُنيتها أم معبد رضي الله عنها وأرضاها) : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخرج من مكة خرج مهاجرًا إلى المدينة، هو وأبو بكر رضي الله عنه، ومولى أبي بكر وهو عامر بن فهيرة، ودليلهما عبدالله بن أريقط الليثي، مرُّوا على خيمتي أم معبد الخزاعية - وكانت برزة (تعني: أنها كانت امرأة كهلة كبيرة في السن، لا تحتجب احتجاب الشواب) تحتبي بفناء الخيمة، ثم تسقي وتطعم - فسألوها لحمًا وتمرًا ليشتروا منها، فلم يصيبوا عندها شيئًا من ذلك، وكان القوم مُرملين مُسنتين(يعني: أنه قد نَفِدَ زادهم، وأصابهم القحط)، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاةٍ في كسر الخيمة - يعني في جانبها –
فقال صلى الله عليه و سلم: ((ما هذه الشاة يا أم معبد؟))
قالت: شاةٌ خلفها الجهد عن الغنم - تعني أنها هزيلة لا تقدر على المشي مع الغنم للرعي - فذهب الغنم وبقِيت هي،
قال عليه الصلاة والسلام: ((هل بها من لبن؟))
قالت: هي أجهد من ذلك، تعني أنها لضعفها لا يمكن أن يكون بها من لبن،
فقال عليه الصلاة والسلام: ((أتأذنين لي أن أحلبها؟))،
قالت: بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبًا، فاحلبها.
فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح بيده ضرعها، وسمى الله جل ثناءه، ودعا لها في شاتها، فتفاجَّت عليه؛ أي: فتحت ما بين رجليها للحلب؛ لكثرة ما اجتمع في ضرعها من اللبن ببركة دعائه ومسحه عليه الصلاة والسلام، قالت: ودرَّت واجترت، فدعا بإناء يُربض الرهط؛ تعني إناء يكفي لإشباع رهطٍ من الناس من ثلاثة إلى عشرة، حتى إنهم إذا شربوه تثاقلوا، فربضوا وناموا لكثرة ما شربوا، قالت: فحلب بها ثجًّا؛ أي: إن الحليب يصب من ضرعها ويسيل سيلانًا لوفرته حتى علاه البهاء؛ أي: إنه امتلأ الإناء بهذا الحليب، وصار أعلاه رغوة اللبن اللامعة، قالت: ثم سقاها حتى رويت، سقى رسول الله أم معبد حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب آخرهم صلى الله عليه و سلم.
و القصة تمتد الى إسلام السيدة و زوجها لما رأوا من دلالات النبوة في محمد صلى الله عليه و سلم و لكن المراد هنا هو كيف كان حنان النبي صلى الله عليه و سلم و رحمته بالشاة الضعيفة فلم يطلب ذبحها مثلا أو أهملها و تركها و إنما تعامل معها بالرحمة و الدعاء حتى منً الله تعالى عليه بوضع البركة في هذه الشاة الضعيفة فأسقت بلبنها الجميع و آخرهم نبي الله صلى الله عليه و سلم.
و عن كبشة بنت كعب بن مالك: أن أبا قتادة – والد زوجها - دخل عليها فسكبت له وضوءاً فجاءت هرة لتشرب منه فأصغى إليها الإناء حتى شربت قالت كبشة: فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا ابنة أخي ؟ قالت: قلت: نعم، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات)).
عن علي بن الحسين، عن أنس بن مالك قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أرض بالمدينة يقال لها بطحان، فقال: ((يا أنس اسكب لي وضوءاً)) فسكبت له، فلما قضى حاجته أقبل إلى الإناء وقد أتى هر فولغ في الإناء، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم وقفة حتى شرب الهر ثم توضأ، فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أمر الهر، فقال: ((يا أنس إن الهر من متاع البيت لن يقذر شيئاً ولن ينجسه)).
وقد روي عن داود بن صالح التمار عن أمه: (أن مولاة لها أهدت إلى عائشة صحفة هريسة فجاءت بها وعائشة قائمة تصلي، فأشارت إليها أن ضيعها، فوضعتها وعند عائشة نسوة، فجاءت الهرة فأكلت منها أكلة، أو قال لقمة، فلما انصرفت قالت للنسوة كلن، فجعلن يتقين موضع فم الهرة فأخذتها عائشة فأدارتها ثم أكلتها وقالت إن رسول صلى الله عليه وسلم قال: ((إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين والطوافات عليكم))، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهرة: ((إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات)) - رواه مالك وأحمد وأهل السنن الأربع.
و هناك العديد من القصص من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تظهر رحمته صلى الله عليه و سلم بالحيوان و التي يصعب حصرها و لكن اكتفينا ببعض الأمثلة لتوضيح الفكرة العامة و الفلسفة الاسلامية في التعامل مع الحيوان.