موقع السراج
الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم
آيات العقوبة...المعنى الحقيقيسورة 3 الآية 151
تقول الآية الكريمة: (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمْ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) - سورة آل عمران أية 151
مناسبة نزول الآية
نزلت هذه الآية الكريمة اثناء معركة أحد. في هذه الغزوة كان قائد الرماه هو عبد الله بن الجبير كان إجمالي عدد الرماه خمسين راميا و قد أمرهم النبي صلى الله علية و سلم بالبقاء في أماكنهم وعدم مغادرتها إلا بإذن منه، حيث قال لهم: ((إدفعوا الخيل عنا بالنبال)) و حذرهم من مبارحة أماكنهم ولو رأوا أن أصحابهم تتخطفهم الطير- أي هزموا وقتلوا- أو كانوا هم المنتصرين
في بداية الأمر كان المسلمون منتصرين و إقتحموا معسكر المشركين و بدأوا في جمع الغنائم دون مقاومة من المشركين لكن بينما كان ذلك غلبت أثارة من حب الدنيا على أغلب فئة الرماة المتمركزين على جبل أحد ورغم تحذير قائدهم عبد الله لكنهم لم يلقون له بالا، فالتحقوا بسواد الجيش وهكذا خلت ظهور المسلمين ولم يبق فيها إلا ابن جبير وتسعة من أصحابه صمموا على موقفهم
هنا رأى خالد بن الوليد وكان قائد خيالة المشركين الفرصة سانحة ليلتف على المسلمين ويطبق عليهم في هجمة مرتدة، بعد انكشاف ظهورهم، ولما رأى المشركون ذلك عادوا إلى القتال من جديد وأحاطوا بالمسلمين من جهتين وفقد المسلمون مواقعهم الاولى وأخذوا يقاتلون بدون تخطيط واختلط الحابل بالنابل واشتدت حرارة القتال و دبت الفوضى في الصفوف و من ثم خسر المسلمون المعركة
بعد تحقيقهم الإنتصار فكر بعض الممشركون في العودة و القضاء على ما بقي من المسلمين و لكن ترددوا خوفا أن يكون النبي صلى الله عليه و سلم قد جاءه مددا فخافوا أن يقاتولوه وعادوا الى مكة و هنا نزلت هذه الآية و هي تشرح أن الله تعالى ألقى في قلوب الكفار الرعب من العودة لمقاتلة المسلمين للقضاء على باقي الجيش المسلم..إذن إلقاء الرعب في قلوب الكفار في هذه الآية كان بغرض حماية جيش المسلمين الذي خسر المعركة
من تضايقه الآية الكريمة و يراها تحض على العنف؟
فالنحاول ببساطة إجابة هذا السؤال..مبدئيا فلنسأل أنفسنا...من الذي يلقي الرعب في قلوب المشركين؟ إنه الله تعالى...إذن ففي الآية لا يأمر الله تعالى المسلمين بإرهاب الكفار الأبرياء المسالمين و إنما يطمئن الله تعالى الجيش المسلم و يعلمهم أنه هو سبحانه و تعالى من أخاف المشركين من معاودة الهجوم عليهم حماية لهم
و الآن فلننظر للأية الكريمة من منظور مختلف الأطراف
أولا: من منظور المسلمين
تعتبر الآية بمثابة تشجيع و طمأنة للجيش المسلم الذي خسر معركة لتوه بما في ذلك من مشاعر الحزن و الإحباط فيعلمهم أنه تعالى معهم و أنه أبعد عنهم شر المشركين الذين فكروا في العودة للقضاء عليهم بأن ألقى في قلوبهم الرعب من معاودة الهجوم على المسلمين. إذن بالنسبة للمسلمين هي كلمات تطمين و تشجيع في وقت عصيب
ثانيا: من منظور المشركين
تحمل الآية للمشركين تهديدا واضحا أن الله تعالى يدافع عن الجيش المسلم و أن القاء الرعب في قلوب الأعداء هو أحد طرق نصرة الله تعالى للمسلمين
بالنسبة لمشرك لا يؤمن أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى و يؤمن أن الأوثان التي يعبدها هي إلهه الذي يحميه و ينصره إذن فمن المنطقي ألا تمثل له الآية الكريمة أي تهديد حيث أنه لا يؤمن أن الآية الكريمة من عند الله إذن فهي لا تمثل تهديدا له
أما إذا كان الكافر يعلم أنه على خطأ و أن ما يجعله يتمسك بخطأه هو العناد و الصلف أو الخوف من قومه أو تحيزه لهم فله أن يعتبر الآية الكريمة بمثابة ناقوس خطر له ليستفيق و يعيد التفكير في قراراته و مواقفه و يستسلم لحكم ضميره و يتحمل عواقب إختياراته. و من هنا فالآية الكريمة هي تحذير من رب كريم لهذه الفئة المترددة من البشر لعلهم يستفيقون و يسارعون لفعل ما تمليه عليهم ضمائرهم
إذن بعد دراسة متأنية لوجهة نظر الطرفين فإن الآية الكريمة لا تعتبر دعوة مفتوحة للعنف لأن باعث الرعب في القلوب هو الله تعالى و ليس الجيش المسلم و من ثم لا يوجد إعلان حرب أو مذبحة متوقعة و إنما وعد من الله تعالى أنه سيلقي في قلوب جيوش الكفار الرعب لأنهم رفضوا الإعتراف بالله تعالى ربا لا إله إلا هو و إنما أشركوا معه أوثانا و هم يعلمون جيدا أنها لا تضر و لا تفيد. هذا الشرك الظالم ليس له أسباب سوى الفائدة الإقتصادية و المركز القبلي. هذا إختيارهم بكامل إرادتهم الحرة لذا إستحقوا إلقاء الرعب في القلوب التي أسكتت أصوات ضمائرهم و اتبعوا إملائات المصالح القبلية الزائلة