موقع السراج
الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم
آيات العقوبة...المعنى الحقيقيسورة 3 الآية 56
قال تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) - سورة آل عمران آية 56
أولا: من الذي يعاقب
حقيقة تعجبت أن مثل هذه الآية تعتبر آية عنيفة فهل يأمر الله تعالى فيها من المسلمين معاقبة غير المؤمنين بأنفسهم؟ هل ترك للمسلمين حساب غير المسلمين؟ حقيقة لا فالوحيد صاحب الحق في المعاقبة أو المغفرة هو الله وحدة و هذه الآية تثبت هذه الحقيقة فالله تعالى يقول: (فَأُعَذِّبُهُمْ) و لم يقل (فعذبوهم) فأين الدعوة للعنف هنا
ثانيا: لماذا التحذير
هذه الآية بمثابة تحذير لغير المؤمن أنهم إذا استمروا على كفرهم فإن الله تعالى سيعاقبهم في الدنيا و الآخرة. هذه الآية غرضها التحذير و حض غير المؤمن على مراجعة نفسه فهو تحذير نابع من الرحمة و ليس من الرغبة في التخويف كما يفعل الإنسان –و لله المثل الأعلى- مع ابنه ليجعله يرى نتائج فعله الخاطيء قبل أن يقدم عليه
لنبحث بصورة أكثر عمقا
إذا بحثنا في معاني الآية بصورة أعمق سنجد الآتي:
- الآية دليل واضح على حرية الإختيار التي منحها الله تعالى للإنسان فالمبدأ الذهبي في الإسلام هو (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) – سورة البقرة 256. هذا المبدأ أساسي في الإسلام فللإنسان حق الإختيار و لكن عليه أن يتقبل تبعات إختياراته
- لا يحق للمسلم أن يقوم بدور القاضي و يستبيح معاقبة الناس حتى من لا يؤمن بالله. و للمرة الثانية هذه قاعدة أساسية أخرى في الإسلام فليس من حق المسلم أن يحاكم أو يعاقب أحد. يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) - سورة الحج آية 17
و من ثم فإن المحاسبة و المعاقبة بيد الله تعالى وحده هذا هو الإسلام. لم يعطي الإسلام للمسلم الحق في معاقبة أي إنسان حتى من كفر بالله تعالى و هي نقطة يجب أن يفهمها المسلم و غير المسلم
- تهديد غير المؤمن هو من باب الرحمة الإلهية فالله تعالى لا يريد معاقبة أحد و من ثم فهو يحذر غير المؤمن أنه معرض للعقوبة ليعطيهم الفرصة ليعيدوا حساباتهم فإن آمنوا فهو لمصلحتهم هم لأن إيمانهم لن يزيد ملك الله تعالى و كفرهم لن ينقص ملكه في شيء و إنما النفع و الضرر عائد عليهم و ثانية نذكر بما يحدث في حياتنا -و لله المثل الأعلى- عندما تهدد طفلك أنك ستعاقبه إن فعل كذا لأنك تعلم مغبة فعله عليه أما انت شخصيا فلن تستفيد أو تتضرر من معاقبة إبنك ومن ثم تهدده لعله يعدل من سلوكه فتتحقق مصلحته هو إذن فهنا دافعك في عقوبته هي الحرص على ما فيه مصلحته و رغبتك الصادقة في إصلاحه
- فلنفكر ببعض الهدوء...غير المؤمن بالله لا يقتنع بوجود إله من الأساس...لماذا إذن تؤذي هذه الآية مشاعره الى هذا حد فيعتبرها أن دليل على دعوة الإسلام للعنف...إذا كان هناك من لا يؤمن بالله تعالى إذن هو لا يؤمن بالجنة و لا بالنار و من ثم من غير المنطقي أن يتأثر بهذه الآية و نظيراتها في القرآن الكريم نظرا لأنه لا يؤمن بوجود منظومة الثواب و العقاب و لا منظومة الديانات من الأصل فلماذا تضايقه الآية إذن؟؟
- أما غير المسلم و لكن يؤمن بدين آخر...فلابد أن يجد في دينه أيا كان آيات مناظرة و تحمل نفس الرسالة حيث لابد من منظومة الثواب و العقاب لضبط سلوك الناس...صحيح أن هناك من هو صالح و لا يحتاج لمعرفة عقوبة الخطأ لأنه يكره إرتكابه بفطرته و لكن هل كل البشر كذلك؟؟...بالطبع لا و من ثم جاءت الأديان لتعلي صوت الضمير في اتباعهم و تسعى سعيا جادا حقيقيا لإصلاحهم و من ثم تقيم منظومة الثواب و العقاب و إن إختلفت من دين لآخر...لهذا أتعجب جدا ممن يعتبر هذه الآية و نظيراتها تحض على العنف