موقع السراج
الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم
الفصل الثانيمتي تكون العقوبة مفيدة
قال تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) – سورة البقرة 256
هذه الآية الكريمة تحمل أحد المفاهيم الأساسية في الإسلام لكن تذكر حرية الإختيار له ثمن حيث اصبح الإنسان مسئولا و ملزما بتحمل تبعات إختياراته...المسئولية عن النتائج دليل حرية الإختيار
إذا كان العقاب و التعذيب هو الهدف من خلق البشر –حاشا لله- كيف تفسر إذن إرسال الأنبياء؟ كيف يأمر الله تعالى المسلمين أن يحترموا الآخر بل يلزم المسلم الا يكره أحد على اعتناق الإسلام و يلزمه كذلك أن يكفل حرية الإختيار للآخر؟...مجرد ذكر عقوبات نزلت كتبعة و نتيجة أفعال أقوام آخرون لهو أكبر دليل على ان لك حرية حقيقية في الإختيار و أنه لا يحق لأحد أن يحدد لك مساراك قهرا و إلا لانتفى المغزى من وجود النار و الجنة
هناك نار و جنة لاننا نملك الإختيار و الإتجاه لأي منهما هو نتيجة حرية الإختيار هذه...إرسال الرسل كان رحمة من الله تعالى ليذكروا البشر بما دئبوا على نسيانه و هي مسئوليتهم التامة عن إختياراتهم و لهذا وجب عليهم تقبل النتائج لأنهم يعرفون النتائج مسبقا و وضحها لهم الله تعالى جليا من خلال رسله و رسالاته. إذا لم يكن لك إختيار عزيزي القاريء لما احتجت بوصلة (العقل و الضمير) و ما احتجت هداية (عن طريق الرسل عليهم السلام جميعا) و ما احتجت كتب سماوية لتعيد تذكيرك دوما بما أمامك من إختيارات
السبب الرئيسي لوجود الأديان أن البشر يملكون حرية الإختيار فلو كنا كالملائكة مثلا -الذين لا يملكون حرية الإختيار- لما احتجنا لأنبياء و لا كنب سماوية و لا جنة و نار و لا اي نوع من الهداية لاننا حينئذ نكون كالسائر في طريق احادي الإتجاه فلا يملك السائر اية إختيارات و من ثم لا يحتاج اي توجيه
و لكن هذه ليست الحالة مع البشر لهذا فنحن نقوم بإختيارات و علينا تحمل عواقب ...بالله عليك –و لله المثل الأعلى- اليس هذا ما تفعله لتربي ابنائك إن أحسن كافأته و إن أخطأ عاقبته و كلا من المكافأة و العقوبة توضحها للإبن جليا و تتركه ليختار و من ثم يتحمل النتائج. يقول تعالى في كتابه العزيز: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) – سورة الملك آية 2
تخيل معي عالم بلا عقوبة...لا أحد يدفع ثمن ما أحدثه من ضرر بالآخرين...هل هذا عالم تريد العيش فيه شاهدت فيلما أمريكيا يسمى (The Purge) و هو فيلم مشهور ملخصه أن الحاكم قرر إيقاف محاسبة الناس لمدة زمنية معينة (بضع ساعات)...بالطبع تحول الى فيلم رعب فمن يريد يقتل أو يسرق فليفعل لن يمنعه أو يحاسبه أحد...انت حر تماما و لكن لا تنسى كذلك كل من حولك أحرار. الفيلم مخيف حقيقة لأنه يبرز بما لا يدع مجالا للشك العنف و الطمع الكامن في النفوس فليس كل الناس قديسين كما يدعوا بل البعض يتلذذ بالإيذاء لأنه خبيث النفس لا يردعه سوى الخوف من العقوبة كما قال العرب قديما: (من أمن العقاب أساء الأدب) قال تعالى: (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنْ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِي) - سورة الزمر آية 16 و في آية أخرى يقول تعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) - سورة آل عمران آية 30
العقوبة أحد طرق تثبيت الصالح و إثبات أنه على الطريق الصحيح فعندما ترى أحدا يعاقب على خطأ أو جريمة إرتكبها فهذا بلا شك يثبتك و يثبت لك أنك على الطريق الصحيح و يردعك من إتيان فعل مثله حتى لا تتعرض لمثل عقوبته
فبلا شك الغقربة تثلج صدر المجني عليه فمثلا إن سرقت سيارتك –لا سمح الله- فبدون شك يسعدك أن يعاقب الجاني
بدون شك العقوبة وسيلة تعليم فعالة فببساطة إذا شاهدت أحد يعاقب على فعل معين فستفكر مرتين قبل إتيان نفس الفعل إذن المشكلة هنا ليست أن العقوبة سيئة في حد ذاتها و إنما هي ضرورية بلا شك بشرط عدم التزيد فيها حتى نضمن نجاحها و إتيانها بالنتائج المرجوة