موقع السراج
الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم
آيات الجهاد...المعنى الحقيقيالآيات (61:من آية 10 الى 12)
قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) – سورة الصف من آية 10 الى 14
و لهذه الآيات قصة و هي كالآتي:
قال مقاتل: نزلت في عثمان بن مظعون، وذلك أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أذنت لي فطلقت خولة وترهبت واختصيت وحرمت اللحم ولا أنام بليل أبدا ولا أفطر بنهار أبدا، فقال صلى الله عليه وسلم: "إن من سنتي النكاح، ولا رهبانية في الإسلام، إنما رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله، وخصاء أمتي الصوم، ولا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم، ومن سنتي أنام وأقوم، وأفطر وأصوم، فمن رغب عن سنتي فليس مني". فقال عثمان: والله لوددت يا نبي الله أي التجارات أحب إلى الله فأتجر فيها، فنزلت: (تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم) فذكر الأموال أولا لأنها التي يبدأ بها في الإنفاق لأن الإسلام يحض المسلم على الإستمتاع بالحياة مع مراعاة الحدود التي وضعها الله تعالى لضمان التعايش السلمي بين البشر
و لاحظ الآتي في الآيات:
- قال تعالى (تجاهدون) و لم يقل (تقاتلون) كما ذكر تعالى الجهاد بالاموال قبل الجهاد بالنفس لأنها طريقة كشف المنافقين. يقول المثل (الصديق وقت الضيق) لأن وقت الضيق يظهر فيه إما إخلاص الشخص أو نفاقه و هو نفس المبدأ الذي تقدمه الآية الكريمة فالإيمان الحقيقي يبدو دون شك في وقتين:
- أولهما وقت إحتياج المسلم فعلى المقتدر أن يخرج من ثروته الزكاة المفروضة
- ثانيهما وقت الحروب حيث على المسلم أن يضحي بحياته و لهذا ذكرت الآية الجهاد بالمال و النفس و هما الحالتان اللتان ذكرتهما الآية الكريمة
- ذكرت الآية الجهاد بالمال قبل الجهاد بالنفس لأن الجهاد في سبيل الله لا يعني (القتال) بالضرورة و إنما للجهاد طرق كثيرة منها جهاد النفس لمنعها من اتباع اهوائها و تحجيمها حتى لا تخرج من الإطار الذي حدده الإسلام. ذكر تعالى المال أولا و المقصود به الزكاة التي يخرجها المسلم القادر ماديا لمستحقيها من المسلمين ذوي الإحتياج المادي و هي احد النقاط التي تميز المخلص عن المنافق
- لاحظ قوله تعالى: (و أُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ) يوجد تفسيران للآية الكريمة فبعض المفسرين يقولون أن الفتح المقصود في الآية هو فتح مكة و هو النصر العظيم ضد من اضطهد و عذب المسلمين حتى اضطرهم للهجرة سرا الى المدينة تاركين منازلهم و أموالهم و ممتلكاتهم فرارا بدينهم لهذا يعتبر الكثير من المفسرين هذه الآية الكريمة بشارة بفتح مكة. البعض الآخر من المفسرين يرى أن البشارة في الآية الكريمة هي بشارة النصر على الرومان و الفرس و هما القوتان العظمتان في هذا الوقت
- لاحظ كيف تحكي باقي الآيات قصة (أبناء إسرائيل) الذين سألهم نبي الله عيسى عليه السلام من يتبعني إلى الله ؟ فانقسموا الى صنفين أحدهما آمن معه عليه السلام و الآخر رفض الإيمان تقول الآية الكريمة: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) فماذا تستنتج من الآية...نستنتج أن الله تعالى ينصر من آمن به سواء مسلم أو نصراني أو يهودي فالآية لم تذكر أن التأييد من الله فقط للمسلم و إنما (الَّذِينَ آَمَنُوا)
كيف يمكن الإدعاء ان هذه دعوة للعنف...فالله تعالى في الآية يظهر تأيده لـ(الَّذِينَ آَمَنُوا) سواء مسلمون أو غير مسلمين فكيف يرى أحد في ذلك دعوة للعنف ضد الآخر و الآية توضح أن التأييد شرطه الإيمان بالله للمسلم و غير المسلم. هذه الآية تثبت تماما أن (الجهاد) لا بهدف فرض الإسلام على الناس و إنما حرب دفاعية يعد الله تعالى النصر فيها لمن أخلص الدين لله و حارب دون وجود هدف دنيوي و إنما نصرة الحق