موقع السراج

قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ) – سورة الصف آية 4

يحزنني و يدهشني كيف يستخف البعض بقضية حساسة مثل الحكم على دين معين و من ثم الحكم على معتنقيه...هل وصل بنا الإهمال و الكراهية أن نحكم بإستخفاف فيبحث أحدهم على كلمة (حرب) في كتاب مقدس أو اي كتاب و من ثم يستقطع الكلمة من سياقها و يبرر تحامله على هذا الدين أو هذا الكتاب بعدد مرات تكرار الكلمة في الكتاب!!..أي غباء هذا؟ ثم يصدر حكم بأن هذا المتاب يدعم العنف و يشجعه؟؟

عندما يحدث هذا فاللوم الأكبر –في رأي الشخصي- يكون على من يقرأ لهذا الشخص فيصدقه و يوافقه الرأي لأنه بذلك يشجع هذا الغباء و التحامل و السطحية...لا عزيزي القاريء ليس هذا سلوك من يبحث عن الحقيقة والذي لابد أن تكون أولى صفاته هي نبذ التحامل و التفكير بعقلانية و المناقشة الصريحة العميقة المجدية و ليس التحامل و البلاهة و ارجوك عزيزي القاريء إذا قرأت لمثل هؤلاء فأرفضه و أرفض منهجه في الإستنتاج (إذا كان له مبدأ أصلا غير أنه يستخدم محركات البحث للبحث عن كلمة في كتاب ثم يصرخ و يعوي و يستنتج بناء على عدد مرات تكرارها)

ففي الآية الكريمة يوضح الله تعالى للمسلمين كيف يحب أن يرى جنوده فيقول تعالى: (صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ) اليس هكذا يتمنى كل قائد جنوده و لله المثل الأعلى فلو سألت أي إنسان كيف تحب أن ترى جنود بلدك فسيقول مباشرة (كالحائط الصلب) و هو ما يعبر عن الوحدة و الثبات و الإنتظام فعندما نقول نريد جند بلدنا أن يكون (كالحائط الصلب) بالله عليك هل هذا يعني تصريح بالقتل؟ إنه لا يعني إلا ما يبرزه المعنى اللغوي بوضوح لا يحتمل التأويل الصفات المطلوبة في الجندي و لا يعني من قريب أو بعيد أنه نصريح بالقتل...هذا الإستنتاج حقيقة سطحي بصورة مضحكة

كما نرجو ملاحظة أن كلمة (يُقَاتِلُونَ) وهي في اللغة العربية تعني المواجهة بين ندين متساويين كما لاحظ ايضا التشبيه الجمالي في قوله تعالى (كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ) أي أنهم حائط صد...هل هذه صفة يتصف بها جيش مهاجم أوليس من الأوقع تشبيه الجيش المهاجم بمثلا (الأسود الكاسرة) بما يوحي بشراسة الهجوم و لكن إختيار التشبيه (كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ) هو تشبيه للدفاع القوي الشجاع الذي لا يهتز أيا كانت قوة العدو...إذن هو تشبيه يليق بجيش دفاعي قوي و لا هجومي و بالطبع فالقرآن الكريم كلام الله تعالى يتميز بالدقة البالغة في اختيار الألفاظ و التشبيهات بصورة إعجازية

و لهذا نقول ثانية و بثقة تامة أن الجيش المسلم الصحيح لا يبادر بالعدوان أبدا و لكن إن اضطرته الظروف للقتال فهو مقاتل قوي صلب لا يستسلم لان الدنيا ليست هدفه فهو حقا لا يخاف الموت و هو من لا يبادر بقتال إلا وفقا لقواعد الإسلام و شروطه في الحروب و التي درسها و شرحها تفصيليا علماء الدين الأجلاء و أولها ما يحدد الأسباب المقبولة شرعا ليحارب الجيش المسلم و هي:

1. الدفاع عن النفس و مقاومة الإحتلال
2. مواجهة الإضطهاد الديني و ضمان الحرية الدينية وحتى أثناء القتال يأمريلزم الإسلام المقاتل المسلم بمجموعة من القواعد الأخلاقية (و التي شرحناها تفصيليا من قبل)

الإستنتاج
حقيقة لا أرى في الآية الكريمة أي شيء يلمح أو يجيز أو يبرر العنف و لهذا ارجوك عزيزي القاريء ألا تخدعك الخدعة الساذجة التي تتلخص في ((اذهب لمحرك البحث ...إبحث عن كلمة معينة مثل يقاتل او يقاتلون...و اليك النتيجة كم من الآيات التي تذكر القتال و من ثم تلمع عينا الباحث حيث وجد هذا الفعل يتكرر كثيرا في القرآن الكريم و من ثم يصل للإستنتاج السخيف: القرآن يحض على العنف و القتل)) أي غباء هذا...تنزع الآية من محتواها و تبحث عن فعل دون دراسة محتوى ذكره...لا أعتقد أنك عزيزي القاريء ممن يخدع بهذا السخف و بما أن وصلت الى هذه المرحلة من القراءة فلا أحسبك سطحيا سهل الخداع و لا شخص تحركه كراهيته بل أحسبك باحث عن الحقيقة

نرحب بمقترحاتكم على

• feedback@alsiraj.net

نرحب بأسئلتكم على

• questions@alsiraj.net