موقع السراج
وصايا النبي صلى الله عليه و سلم
حقوق الحيوان في الإسلام
كرم الله تعالى الحيوان و اعتبره من نعم الله تعالى على الإنسان و مظهر من مظاهر عظمة الله تعالى و قدرته في خلقه و لهذا لا نتعجب عندما نعلم أن العديد من سور القرآن الكريم سميت بإسم الحيوان والحشرات كالبقرة والفيل والنحل والنمل وغيرها. و لهذا فقد شرع الإسلام العديد من الحقوق للحيوان و منها:
أولا: الحق في التنقل و التمتع بخيرات الأرض
للحيوانات حظّها في سكنى الأرض، والتنقل فيها، والتمتع بخيراتها، من ماء ومرعى؛ كما قال تعالى: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) - سورة النازعات آيات من 30 الى33
وقال تعالى: (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) – سورة عبس الآيات من 31 الى 32
و قال تعالى: (فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ) – سورة يونس آية 24
كما أن الله تعالى قد جعل مكة و المدينة حرماً آمناً فحرم اصطياد ما فيها من الصيد والطير، وحرم قطع نباتها وكفل الحق التام في الحياة لكل ما يدب على ظهرها ، وكأن في ذلك ما يشير إلى جواز إنشاء المحميات من قبل الإمام الحاكم وإعطائه الحق في حماية بعض الحيوان من الاعتداء عليه إذا كان يقع ضمن الملكية العامة وفي انقراضه ما يهدد التوازن الطبيعي للبيئة .
ثانيا: الحق في النفقة
وجوب نفقة الحيوان على مالكه، والجمهور على أن للقاضي الحق في إجبار صاحب الحيوان على النفقة عليه فاعتبروا الحيوان طرفا في القضاء ويُقضَى له، وخالف في هذا الأحناف لاعتبارات "إجرائية" (يخالف الأحناف في وجوب الإنفاق على الحيوان كواجب ديني وأن تاركه آثم، ولكنهم خالفوا في اعتبار الحيوان مؤهلا ليكون طرفا في التقاضي، وقالوا: في الإجبار نوع قضاء والقضاء يعتمد المقضي له ويعتمد أهلية الاستحقاق في المقضي له، وما ليس فليس؛ لكنه يؤمر به ديانة فيما بينه وبين الله تعالى، ويكون آثمًا معاقبًا إذا لم يقم بهذا الحق.)
حتى مالك النحل يجب عليه "أن يُبقي له شيئًا من العسل في الكوارة (أي: خلية النحل) بقدر حاجته إن لم يَكْفِه غير"
فإن لم يفعل امتناعا أو عجزا عن النفقة، قال المالكية: يقُضِي بإخراج الحيوان من ملكه ببيع أو صدقة أو ذبح إنْ كان مما يُذبح، وأضاف الشافعية حلا آخر وهو تأجير الحيوان، وإذا لم يمكن التأجير فعل الحاكم ما رآه مناسبًا، فإنْ تعذَّر أُنْفِق عليها من بيت المال، فإن تعذَّر أنفق عليها المسلمون، وأضاف الحنابلة حلا آخر؛ وهو أن يُنفق الحاكم على الحيوان بقرض على صاحب الدابَّة.
ولو كان للدابة ولد، ولم يكف لبنها سوى إطعامه امتنع أن يحلبها أحد، ولو أجدبت الأرض وصارت غير قابلة للزراعة، وجب على مالك البهيمة أن يبحث عن طعامها، كما يبحث عن طعام أولاده. فقد أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نختار للدوابِّ المَرَاعي الخِصْبَة، وإن لم توجد فعلى أصحاب هذه الدوابِّ أن ينتقلوا بها إلى مكان آخر، يقول رسول الله: ((إن الله رفيق يحب الرفق ويرضاه ويعين عليه ما لا يعين على العنف فاذا ركبتم هذه الدواب العجم فانزلوا بها منازلها وان كانت الارض جدبة فانجوا عليها بنقيها)) - (كتاب شرح الموطأ عبد الكريم الخضير - باب ما يؤمر به من العمل في السفر)
و المعاني في الحديث كالآتي:
(جدبة) الجدب والأجَادب : صِلاَب الأرض الَّتي تُمْسِك الماء فلا تَشْرَبُه سريعا. وقيل هي الأرض التي لا نبَات بها، مأخُوذٌ من الجَدْب.
(فانجوا عليها) أي : أسرعوا ، والنجا بالمد والقصر السرعة ، أي : اطلبوا النجاة من تلك الأرض بسرعة السير عليها ما دامت
(بنقيها) - بكسر النون ، وسكون القاف – أي شحمها فإنكم إن أبطأتم عليها في أرض جدبة ضعفت ، وهزلت
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عُذِّبَت امرأة في هِرَّةٍ حبستها حتى ماتت جوعا، فدخلت فيها النار، قال: فقال: والله أعلم، لا أنتِ أطعمتِها ولا سقيتِها حين حبستيها، ولا أنت أرسلتِها فأكلت من خشاش الأرض". وحين صلى النبي صلاة الكسوف ذات مرة قال: "دَنَتْ مني النار حتى قلتُ أي ربَّ، وأنا معهم، فإذا امرأة –حسبت أنه قال:- تخدشها خرة، قال: ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعا)) - (رواه البخاري (2236)، ومسلم (2242) البخاري (2235))
كما مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم ببعير(قد لَحِق ظهره ببطنه) من شدة الهزال، فقال صلى الله عليه وسلم : ((اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة… فاركبوها صالحة وكلوها صالحة)) (رواه أحمد (17662)، وأبو داود (2548)، وصححه الألباني وشعيب الأرناءوط.)
ثالثا: الحق في منع الإيذاء و الألم، و المحافظة على نوعه ومنع انقراضه وفنائه
روي عن المقداد بن معد يكرب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم "ينهى عن لطم خدود الدواب"،
وفي صحيح مسلم: أن امرأة كانت على ناقة فنفرت؛ فلعنته، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأمر بإعراء الناقة مما عليها وإرسالها، عقوبة لصاحبتها.
وعن معاوية بن مرة عن أبيه أن رجلا قال: يا رسول الله، إني لأرحم الشاة أن أذبحها، فقال: ((إن رحمتها رحمك الله)) - رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
وعن ابن مسعود قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى قرية نمل قد حرقناها فقال: ((من حرق هذه؟)) قلنا: نحن، قال: ((إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب العالمين)) - رواه أبو داود
ولا يجوز أن يكون مقود الدابة ضارا ًبها، فقد ورد في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر إلا قطعت))، فذهب بعض أهل العلم في فهم الحديث مذهب الرحمة بالحيوان وقال: إنه أمر بقطع القلائد من أعناق الدواب مخافة اختناق الدابة بها عند شدة الركض لأنها تضيق عليها نفسها، وكراهة أن تتعلق بشجرة فتخنقها أو تعوقها عن المضي في سيرها.
كما منع الإسلام أن يؤجّر الحيوان لمن عُرف بقسوته على الحيوان خشية أن يجور بقسوته وغلظته عليه.
كما جاء في فقه العبادات للشافعي أن مِن مَن يجوز له قضاء ما أفطر فيها من أيام خلال شهر رمضان على التراخي من أفطر خوفاً علي نفسه لإنقاذه حيوانا مشرفا علي الهلاك أو أفطر خوفاً علي نفسه وعلي الحيوان أو الإنسان الذي أنقذه. فلإنسان الذي أفطر من أجل إنقاذ حيوان أعتبر أن إفطاره من أجل أداء عمل يستحق به أن يمهل ويقضي الأيام التي أفطرها على التراخي.
و قد شدد صلى الله عليه وسلم على ألا يُكوَى الحيوان بالنار و قد روى ابن حبان في صحيحه عن جابر أن رسول الله مرَّ على حمار قد وُسِمَ في وجهه (أي: كُوِيَ لكي يُعَلَّم)، فقال: ((لَعَنَ الله الَّذِي وَسَمَهُ)) – رواه مسلم. وفي رواية له قال: "نَهَى رَسُولُ اللهِ عَنِ الضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ وَعَنِ الْوَسْمِ فِي الْوَجْهِ". وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "لَعَنَ النَّبِيُّ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ".
و لا يجوز للمسلم أن يؤذي الحيوان بقطع آذانه أو عضو من أعضائه وهو حي، فقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من مَثَّل بحيوان فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) – رواه الطبراني.
كما لا يجوز للمسلم ذبح الحيوانات ولا يصطادها إلا بسبب شرعي وعليه حينئذ أن يلتزم تجاه هذه الحيوانات الرفق والإحسان.قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليُحِدَّ أحدكم شفرته وليُرِح ذبيحته)) – رواه مسلم. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من رحم ولو ذبيحة عصفور - رحمه الله - يوم القيامة)) – رواه الطبراني.
رابعا: فضل سقيا الحيوان
وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن سقي الحيوان المحتاج يغفر الذنوب ويُدخل الجنة. قال: ((بينما رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرا فشرب منها ثم خرج، فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي. فملأ خُفَّه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له))، قالوا: يارسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: ((في كل كبدٍ رطبة أجر)).
البخاري: كتاب المساقاة، باب فضل سقي الماء (2234)، ومسلم: كتاب السلام، باب فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها (2244)
ولم يقتصر الغفران على صغائر الذنوب بل شمل الكبائر أيضا فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هريرة رضى الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ((بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ (بئر) كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ (زانية) مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ, فَنَزَعَتْ مُوقَهَا (خُفَّها), فَسَقَتْهُ, فَغُفِرَ لَهَا بِهِ.)) - أخرجه البخاري (3467)، ومسلم (2245).
خامسا: الحق في الراحة
أخرج البخاري ومسلم من طرق متعددة بالسند إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض)) قال النووي في شرح هذا الحديث عند مسلم (8/128): "ومعنى الحديث الحث على الرفق بالدواب، ومراعاة مصلحتها، فإن سافروا في الخصب قللوا السير وتركوها ترعى في بعض النهار وفي أثناء السير، فتأخذ حظها من الأرض بما ترعاه منها". وقد جاء في أول هذا الحديث من رواية مالك: ((إن الله رفيق يحب الرفق)).
سادسا: الحق في عدم تحميله فوق طاقته و إرهاقه في العمل
ومن حق الدابة المعدة للركوب أن لا يركب عليها ثلاثة في آنٍ واحد، فقد أخرج الطبراني في الأوسط عن جابر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركب ثلاثة على دابة"، وفي رواية أبي سعيد: "لا يركب الدابة فوق اثنين"، وأخرج ابن أبي شيبة من مرسل زاذان: أنه رأى ثلاثة على بغل، فقال:"لينزل أحدكم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الثالث" وأخرج الطبراني عن علي رضي الله تعالى عنه قال: "إذا رأيتم ثلاثة على دابة فارجموهم حتى ينزل أحدهم".
وقد حمل الفقهاء هذه النصوص على ما إذا كانت الدابة غير مطيقة للثلاثة، فإن أطاقتهم جاز، قال ابن حجر في فتح الباري (12/520): "يحمل ما ورد في الزجر من ذلك على ما إذا كانت الدابة غير مطيقة كالحمار مثلا، وعكسه على عكسه كالناقة والبغلة".
ومن المحرم في الشريعة الإسلامية وقوف الراكب على الدابة وقوفا ًيؤلمها، فقد ورد في سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس)).
وركبت السيدة عائشة بعيرًا، فكانت فيه صعوبةٌ، فجعلت تُرَدِّدُه (أي: تمنعه وتدفعه بشدةٍ وعنفٍ)، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ)) - رواه مسلم،
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: أردَفَني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ خَلفَهُ ذاتَ يومٍ، فأسرَّ إليَّ حَديثًا لا أحدِّثُ بِهِ أحَدًا من النَّاسِ، وَكانَ أحبُّ ما استَترَ بِهِ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ لحاجَتِهِ هَدفًا، أو حائِشَ نَخلٍ، قالَ: فدخلَ حائطًا لرَجُلٍ مِن الأنصارِ فإذا جَملٌ، فلَمَّا رأى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حنَّ وذرِفَت عيناهُ، فأتاهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فمَسحَ ذِفراهُ فسَكَتَ، فقالَ: ((مَن ربُّ هذا الجَمَلِ، لمن هذا الجمَلُ؟)) فَجاءَ فتًى منَ الأنصارِ فَقالَ: لي يا رسولَ اللَّهِ فَقالَ: ((أفلا تتَّقي اللَّهَ في هذِهِ البَهيمةِ الَّتي ملَّكَكَ اللَّهُ إيَّاها؟ فإنَّهُ شَكا إليَّ أنَّكَ تُجيعُهُ وتُدئبُهُ)) - رواه أبو داود.
سابعا: الحق في استخدامه فيما خلق له، وعدم استخدامه في غير ما سخّر له
ولا يجوز الركوب على ما لم يخلق للركوب كالبقرة، قال القاضي أبو بكر بن العربي: "لا خلاف في أن البقر لا يجوز أن يحمل عليها، وذهب كثير من أهل العلم إلى أن المنع من ركوبها نظرا ًإلى أنها لا تقوى على الركوب، إنما ينتفع بها فيما تطيقه من نحو إثارة الأرض وسقي الحرث".
ثامنا: عدم معاقبة الحيوان بما جنى على غيره
ولم يعاقب المسلمون الحيوان بما جنى على غيره وإنما عاقبوا صاحبه إذا فرّط في حفظه وربطه
تاسعا: الحق في مراعاة حالته الصحية
راعى الإسلام الحالة الصحية للحيوانات وأمر بالحجر الصحي عند انتشار الأوبئة والأمراض المعدية للحفاظ على باقي الحيوانات قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يُورِدن ممرض على مُصح)) - رواه البخاري ومسلم. والممرض الذي له إبل مرضي والمصح: صاحب الصحاح
وعن المرجى بن رجاء اليشكري، حدثني سلم بن عبد الرحمن، قال: سمعت سوادة بن الربيع، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فأمر لي بذود، ثم قال لي: ((إذا رجعت إلى بيتك فمرهم فليحسنوا غذاء رباعهم، ومرهم فليقلموا أظفارهم، لا يعبطوا بها ضروع مواشيهم إذا حلبوا. ))
و معنى قوله : (بذود) : أي : بنوق
(غذاء رباعهم) : الرباع - بكسر الراء - : جمع ربع ، وهو ما ولد من الإبل في الربيع ، وقيل : ما ولد في أول النتاج ، وإحسان غذائها أي : لا يستقصي حلب أمهاتها إبقاء عليها .
(فليقلمو) : من قلم الظفر كضرب : إذا قطعه ، أو هو من التقليم للمبالغة .
(ولا يعبطوا) : من عبط الضرع ، كضرب - بالعين المهملة - : إذا أدماه .
عاشرا: عدم الفصل بين الأم والولد
أوجب الفقهاء مراعاة المشاعر والأحاسيس للحيوان خصوصا جانب الأمومة، حيث يقول الفقهاء في ذلك (ولا فرق بين كون الجنين تبعاً لأمة بين بني آدم أوالحيوانات فالولد منها لصاحب الأنثى لا لصاحب الذكر)
ويطبق هذا الأمر في واقع البيع والشراء بين الناس وفي هذا يقول الفقهاء (ويمكن أن يقال ثانية: ولد البهيمة يتبع أمه في البيع إن كان معها وقته).
ومن مظاهر شفقة رسول الله ورحمته كذلك ما يرويه عبد الله بن عمر قائلاً: كُنَّا مع رسول الله في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حُمَّرَة معها فرخان، فأخذنا فَرْخَيْهَا، فجاءت الحُمَّرَة فجعلت تُعَرِّشُ (أي ترتفع و تظلل بجناحيها على ما تحتها)، فجاء النبي فقال: ((مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا)) – رواه أبو داوود.
الحادي عشر:مراعاة ما ينتفع به الحيوان
يقول الفقهاء في مراعاة مصلحة الهدي الذي يساق إلى البيت الحرام (وان كان لها صوف نظرت فإن كان في تركه صلاح بأن يكون في الشتاء وتحتاج إلي الدفء لم يجزه لأنه ينتفع به الحيوان في دفع البرد عنه وينتفع به المساكين عند الذبح. وقياسا على الهدي تراعى مصلحة كل حيوان يصح القياس في جانبه .
الثاني عشر: منع إتخاذ الحيوان غرضا حتى لو لتعلم الرماية
ونهى رسول الله عن اتخاذ الحيوان غرضًا، وإذا كان الأمر كذلك، فإنه من باب أولى ألا يُقتل الحيوان (ولو كان عصفورًا) للتلهي و اللعب و العبث؛ فقد روى الشافعي وأحمد والنسائي وابن حبان عن عمرو بن الشريد قال:
سمعت الشريد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قتل عصفوراً عبثاً عج -رفع صوته- إلى الله عز وجل يوم القيامة يقول: يا رب إن فلاناً قتلني عبثاً ولم يقتلني لمنفعة)).
وحتى لو كان هذا القتل لتعلُّم الرماية فهو ممنوع شرعًا؛ لما رواه مسلم عَنْ سعيد بن جبيرٍ قَالَ: مر ابنُ عمرَ بفتيانٍ من قريشٍ قد نصبوا طيرًا وهم يرمونَه . وقد جعلوا لصاحبِ الطيرِ كلَّ خاطئةٍ من نِبْلِهم . فلما رأوا ابنَ عمرَ تفرقوا . فقال ابنُ عمرَ : من فعل هذا ؟ لعن اللهُ من فعل هذا. إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لعن من اتَّخَذَ ، شيئًا فيه الروحُ غرضًا .
الثالث عشر: منع اللهو بالحيوان او بتصارع الحيوانات مع بعضها
نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن اللهو بالطيور والحيوانات -كما يحدث من بعض قُساةِ القلوبِ ومن يتلذذون بمصارعة الثيرانِ، ومهارشةِ الديوك، واللهوِ بالطيور-؛ فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَنِ التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ" - رواه أبو داود والترمذي.
و(التحريش) هو: الإغراء، وتهييج بعضها على بعضٍ -كما يفعل بين الجمال، والكباش، والديوك، وغيرها، ووجه النهي أنه إيلامٌ للحيوانات، وإتعابٌ لها بدون فائدة، بل مجرد عبث.
و من أمثلة ذلك ما سبق ذكره عن قصة ابن عمر عندما وجد فتيان يرمون عصفورا فنهاهم و أوضح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لَعَنَ من اتخذ شيئًا فيه الروحُ غرضًا.
الرابع عشر: الإهتمام بنظافة الدابة، ومكانها، وتسميتها
و قد نشأ الصحابة رضوان الله عليهم على الاهتمام بنظافة البهيمة و مكانها. فعندما رأى إبن عمر راعي غنمٍ في مكانٍ قبيحٍ وقد رأى ابن عمر مكانًا أمثلَ منه فقال ابنُ عمرٍ : ويحك يا راعيَ حوِّلْها فإني سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول كلُّ راعٍ مسؤولٌ عن رعيَّتِه.
الخامس عشر: تحريم الإبادة الجماعية أو القتل الجماعي للدابة
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة أن أبا هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح)) – رواه أبي داوود.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل أربع من الدواب : النملة ، والنحلة ، والهدهد ، والصرد .( الصرد كما جاء في المعجم الوسيط هو طائر أكبر من العصفور ضخم الرأس والمنقار يصيد صغار الحشرات) - رواه أبو داود ، والدارمي .