موقع السراج
أين كان القرآن الكريم قبل النزول و كيف نزل و كيف تم تقسيمه ؟
أين كان القرآن قبل النزول
وللقرآن الكريم وجودات ثلاثة:
- وجوده في اللوح المحفوظ
- وجوده في السماء الدنيا
- وجوده في الأرض بنزوله على النبي صلى الله عليه وسلم
ولم يقترن لفظ (النزول) إلا بالوجود الثاني والثالث أما الوجود الأول فلم يرد لفظ (النزول) مقترنا به قط وعلى هذا: فلا ينبغي أن نسميه نزولا أو تنزلا
يقول الله تعالى: ((بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ)) - سورة البروج آية 21 و 22 و قد دلت الآية على أن القرآن كان قبل نزوله موجودا في اللوح المحفوظ و هو الكتاب المكنون الذي ذكره الله تعالى في قوله: ((إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ)) – سورة الواقعة الأيات من 77 إلى 80 والذي عليه جمهور المفسرين: أن الكتاب المكنون: هو اللوح المحفوظ، ومعنى (محفوظ): أي عن استراق الشياطين، ومحفوظ عن التغيير والتبديل، ومعنى (مكنون) مصون محفوظ عن الباطل، والمعنيان متقاربان
كيف كان هذا النزول ومدّته
وقد نزل به جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه و سلم مفرقا، على حسب الوقائع، والحوادث، وحاجات الناس، ومراعاة للظروف والملابسات. أما الكتب السماوية السابقة، فالمشهور بين العلماء، أن ذلك كان جملة واحدة حتى كاد يكون هذا الرأي إجماعا
وقد اختلف العلماء في مدة هذا النزول؛ فقيل: عشرون سنة، وقيل: ثلاث وعشرون سنة، وقيل: خمس وعشرون سنة
ومنشأ هذا الاختلاف إنما هو اختلافهم في مدة مقامه بمكة فقيل عشر سنين وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة وأقربها إلى الحق والصواب هو أوسطها وهو ثلاث وعشرون سنة، وهذا على سبيل التقريب، وأبعدها هو آخرها
الحكمة من نزول القرآن منجما مفرقا
الحكمة الأولى
- تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه و سلم وتطمين قلبه وخاطره
- تيسير حفظه وفهمه على النبي صلى الله عليه و سلم فقد كان حريصا على ذلك غاية الحرص
الحكمة الثانية
التدرج في تربية الأمة دينيّا وخلقيّا واجتماعيّا، وعقيدة وعلما وعملا , التدرج في تثبيت العقائد الصحيحة
الحكمة الثالثة
مجاراة الحوادث والنوازل والأحوال والملابسات في تفرقها وتجددها، وهذه الحكمة هي التي أشارت إليها الآية الكريمة في قوله تعالى: ((لَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرً)) - سورة الفرقان: 33
الحكمة الرابعة
بيان إعجاز القرآن الكريم على أكمل وجه لأن القرآن لو نزل جملة واحدة؛ لقالوا: شيء جاءنا مرة واحدة فلا نستطيع أن نعارضه، ولو أنه جاءنا قطعا قطعا لعارضناه فأراد ربك أن يقطع عليهم كل الحجج فأنزله مفرقا وكأن الله سبحانه و تعالى يقول لهم إن كنتم ترتابون في أن هذا الكتاب على هذا الوضع من عند الله فأتوا أنتم بقطعة مشابهة له
و لا شك أن هناك حكم كثيرة من تنزيل القرآن بالتدريج و لا يستطيع إنسان أن يزعم أنه يعلم كل الحكم كاملة وراء هذه الطريقة في النزول و ما أوردناه ما هو إلا بعض من هذه الحكم و الله وحده القادر على حصرها
تقسيم سور القرآن
قسمت سور القرآن من حيث الطول إلى: الطوال – المئين – المثاني – المفصّل
- الطوال: سميت كذلك لطولها على سائر السور و هم سبع سور: البقرة – آل عمران – النساء – المائدة – الأنعام – الأعراف و السابعة قيل أنها الأنفال و براءة معاً لعد الفصل بينهما بالبسملة و قيل هي يونس
- المئين: و هي ما تزيد آياتها عن مائة أو تقاربها
- المثاني: السور التي ثنَّى الله فيها الفرائض والحدود، والقصص والأمثال؛ قاله ابن عباس رضي الله عنه وابن جبير و هي كل سورة دون (المئين) وفوق (المفصل) ويدل عليه حديث ابن عباس رضي الله عنه، حين قال لعثمان رضي الله عنه: ما حملكم على أن عمدتم إلى سورة (براءة) وهي من (المئين) وإلى (الأنفال) وهي من (المثاني) ففرقتم بينهما؟ رواه الترمذي وأبو داود
- المفصل: سمي مفصلاً لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة، وآخره سورة (الناس) وأوله عند كثير من الصحابة رضي الله عنهم سورة (ق) وهو ما رجحه ابن كثير في تفسيره
تسمية سور القرآن
المقصود من تسمية السور تيسير المراجعة والمذاكرة لأنها تميز كل سورة عن غيرها و الدليل حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا نزلت الآية: (ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا) فسورة البقرة مثلًا كانت تلقب بالسورة التي تذكر فيها البقرة
وأما أسماء سور القرآن العظيم فليست كلها من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن أسماء السور كانت معروفة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشهورة، وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على أن هذا فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)
كما أن الصحابة لم يكتبوا في المصحف أسماء السور، بل اكتفوا بالبسملة في مبدأ كل سورة للفصل بين السور وقد فعلوا ذلك كراهة أن يكتبوا في القرآن ما ليس بآية قرآنية فاختاروا البسملة؛ لأنها مناسبة للافتتاح، مع كونها آية من القرآن
وأسماء السور إما أن تكون :
- بأوصافها مثل الفاتحة وسورة الحمد
- بالإضافة لشيء اختصت بذكره، مثل سورة لقمان، وسورة يوسف، وسورة البقرة.
- بالإضافة لما كان ذكره فيها بالتفصيل مثل سورة هود، وسورة إبراهيم.
- بالإضافة لكلمات تقع في السورة، نحو سورة براءة، وسورة حم عسق، وسورة حم السجدة، كما سماها بعض السلف، وسورة فاطر.
- وسمي مجموع السور المفتتحة بكلمة حم: آل حم
- و سموا السورتين بوصف واحد، فقد سموا سورة الكافرون، وسورة الإخلاص المقشقشتين
تجميع الآيات في سور
كان تجميع الآيات في سور بناء على وحي من الله تعالى للنبي و هذا من ضمن الإعجاز القرآني
و الدليل:
فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال قلت لعثمان ما حملكم على أن عمدتم إلى سورة الأنفال وهي من المثاني وإلى سورة براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم فوضعتموها في السبع الطوال فما حملكم على ذلك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد فكان إذا أنزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب له فيقول ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وإذا أنزلت عليه الآيات قال ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وإذا أنزلت عليه الآية قال ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وكانت سورة الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة وكانت سورة براءة من أواخر ما أنزل من القرآن قال فكانت قصتها شبيها بقصتها فظننا أنها منها وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتها في السبع الطوال (مسند الإمام أحمد)
البسملة :
لم ينزل جبريل عليه السلام بالبسملة عند بداية كل آية، وإنما كان ينزل بها للفصل بين السور عند بداية كل سورة، فيعرف بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم بداية السورة ونهايتها
قال السيوطي في الإتقان: أخرج أبو داود، والحاكم، والبيهقي، والبزار من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة؛ حتى تنزل عليه: بسم الله الرحمن الرحيم. زاد البزار: فإذا نزلت، عرف أن السورة قد ختمت، واستقلت، أو ابتدأت سورة أخرى و عن ابن مسعود قال: كنا لا نعلم فصلًا بين السورتين حتى تنزل: بسم الله الرحمن الرحيم
التقسيم لأجزاء
المرحلة الأولى : تقسيم الصحابة رضي الله تعالى عنهم
أن أول تقسيم للمصحف الشريف هو ما قام به الصحابة رضي الله تعالى عنهم من تقسيمه إلى سبعة أجزاء ليسهل ختمه في أسبوع و قد بنوا تقسيمهم على أساس عدد السور و كان التقسيم لسبعة أحزاب كما يلي:
- الحزب الأول فيه ثلاث سور هي: البقرة وآل عمران والنساء
- الحزب الثاني فيه خمس سور هي: المائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة
- الحزب الثالث: يونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر والنحل
- الحزب الرابع: من الإسراء إلى آخر الفرقان
- الحزب الخامس: من الشعراء إلى نهاية يس
- الحزب السادس: من الصافات إلى نهاية الحجرات
- الحزب السابع: من ق إلى نهاية الناس
و الدليل:
رواية أوس ابن حذيفة رضي الله تعالى عنه حيث قال: (قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلّم في وفد ثقيف، فنزلت الأحلافُ على المغيرة بن شعبة، وأنزلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بني مالك في قبّة له، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم كل ليلةٍ يأتينا بعد العشاء يحدّثنا قائماً على رجليه حتى يراوح بين رجليه من طول القيام، فأكثر ما يحدثنا ما لقيَ من قومه قريش، ثم يقول: لا سواءٌ، وكنّا مستضعفين مستذلين بمكة، فلما خرجنا إلى المدينة كانت سجالُ الحربِ بيننا وبينهم، نُدال عليهم ويدالون علينا؛ فلما كانت ليلة أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه، فقلنا: لقد أبطأتَ عنّا الليلة!
قال : "إنّه طرأ عليَّ حزبي من القرآن، فكرهت أن أجيء حتى أتمّه"
قال أوس: سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف تحزبون القرآن؟
فقالوا: ثلاثٌ، وخمسٌ، وسبعٌ، وتسعٌ، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزبُ المفصَّل وحده)
اخرجه أحمد و أبو داود و ابن ماجه (ضعيف)
المرحلة الثانية : تقسيم الحجاج بن يوسف الثقفي
أراد الحجاج تقسيم القرآن الكريم وفقاً لعدد الأحرف فجمع العلماء والقراء و أحصوا حروف القرآن ثم قاموا بقسمته إلى قسمين متساويين من حيث عدد الحروف ثم قاموا بزيادة التقسيم إلى ثلاثة أجزاء متساوية في عدد الحروف ثم إلى اربعة أجزاء متساوية الحروف و هكذا
المرحلة الثالثة: التقسيم إلى ثلاثين جزء
توسعت حركة تقسيم القرآن لتيسير القراءة حتى جاء الإمام أبو بكر بن عياش فقسيمه إلى ثلاثين جزء متساوية بناء على عدد الحروف تقريباً و كان هذا في القرن الثاني الهجري وهذا التقسيم تقريبي بناء على عدد الحروف لأنه قد ينتج عنه الوقوف وسط كلمه أو آية فراعى الإمام أبو بكر هذه المسأله و جعل التقسيم تقريبي
ثم أراد الناس تيسيراً أكبر ليكون لهم ورد من القرآن صباحي و آخر مسائي (مع أذكار الصباح و المساء) فتم تقسيم الجزء الواحد إلى حزبين (وفقاً لعدد الحروف تقريباً كذلك) فصار هناك ستون حزباً
ثم كان الفكر أن يقسم تقسيم ييسر القراءة في كل ركعة من الصلوات المفروضة و حيث أن فترة الصباح بها صلاتي الظهر و العصر (اي اربعة ركعات بها قراءة آيات من القرآن) و فترة المساء بها صلاتي المغرب و العشاء (اي اربعة ركعات بها قراءة آيات من القرآن) فكان التقسيم للحزب إلى أربعة اربع (فاصبح هناك مائتان و اربعون ربع) وفقاً للحروف تقريبياً أيضاً أما صلاة الفجر فقد إعتبروها صلاة خاصة تطول القراءة فيها. هذا التقسيم لأحزاب و أربع قد ساعد في تسهيل الحفظ
ترتيب آيات القرآن
وأما ترتيب الآيات بعضها عقب بعض، فهو بتحديد من النبي صلى الله عليه وسلم حسب نزول الوحي، ومن المعلوم أن القرآن نزل منجمًا اي أنه نزل مفرقاً و لم ينزل دفعة واحدة فربما نزلت عدة آيات متتابعة، أو سورة كاملة هذا الترتيب يعتبر من وجوه الإعجازه في القرأن فلذلك كان ترتيب آيات السورة الواحدة على ما بلغتنا عليه من الوحي للنبي صلى الله عليه و سلم و غير قابل للتعديل
ترتيب سور القرآن الكريم
وأما ترتيب سور القرآن الكريم ففيه ثلاثة آراء للعلماء و هم:
أ - رأي يقول إنه توقيفي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
ب - ورأي يقول إنه باجتهاد الصحابة، حيث جعلوا السور الطوال في الأول، ثم المئين بعدها، وهي التي آياتها مائة أو تزيد، ثم المثاني بعدها، وهي التي أقل قليلاً من مائة آية، ثم بعدها المُفَصَّل وهو قصار السور، والمُفَصل نفسه منه طوال ومنه أوساط ومنه قِصار ـ وأجمع الصحابة على هذا الترتيب ودليل هذا الرأي أن مصاحف الصحابة كانت مختلفة في ترتيب السور قبل أن يُجْمع القرآن في عهد عثمان رضي الله تعالى عنه
ج - الرأي الثالث يقول : إن بعض السور كان ترتيبها بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم وبعضها الآخر كان باجتهاد الصحابة، وهو الذي مال إليه أكثر العلماء
وممَّا رَتَّبه الرسول بنفسه البقرة وآل عمران . فقد صحَّ في مسلم حديث: (إقرأوا الزهراوين : البقرة وآل عمران) وكذلك قُلْ هو الله أحد والمُعَوِّذتان، فقد صح في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفثَ فيهما وقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين لكن قد يكون ذلك واقعةَ حالٍ وليس أمرًا بالترتيب غير أنه مُرجح
لم يُرَتَّب القرآن في سوره وآياته حسب النزول؛ لأنه نزل مُفَرقًا على مدى ثلاثة وعشرين عامًا و كان ينزل حسب الظروف والمقتضيات ليبيَّن حُكم قضية أو يجيب على سؤال أو يوجه إلى سلوك رشيد أو غير ذلك
وقد تنزِل في ذلك سورة بأكملها، وقد تنزل آيات فقط من السورة الواحدة لموضوع معين، ثم تنزِل آيات لموضوع آخر، وقد تكون في السورة نفسه أو في سورٍ أخرى
و يجب الإنتباه أن مراعاة الترتيب الموجود الآن يجب احترامه لأنه إجماع الصحابة بعد كتابة عثمان لمصحفه وإرسال نُسَخ منه إلى الأمصار
موقع الموسوعة القرآنية | |
موقع إسلام ويب: فتوى البسملة هي الفيصل بين سور القرآن الكريم |