موقع السراج
من خلق الله ؟
سبحانه تعالى عما يصفون
سؤال يردده الكثير من الملحدين إذا كانت القاعدة الكونية الأزلية أن لكل موجود من أوجده فإذا كان الله تعالى هو خالق كل شيء فمن خلق الله تعالى (سبحانه تعالى عما يصفون) ؟
أولاً: حقيقة أن الكون مليء بالقوانين و الثوابت التي لا يمكن أن يحيد عنها فمن أوجد هذه القوانين بل و ألزم الكائنات على إتباع هذه القوانين على إختلاف الأزمان و الأماكن ؟ فمثلا قوانين الحركة لا تتغير و قوانين الجاذبية...الخ فقبل أن نجيب عن السؤال المطروح من المنطقي أن نسأل أنفسنا من أوجد قوانين الكون الثابتة ؟
ثانياً: من عنده القدرة على تغيير هذه القوانين الثابتة للكون فالعلم الحديث أثبت لنا أن الأجسام متناهية الصغر (الذرة و الالكترونات....الخ) عالم مستقل بقوانين تختلف تماماً عن عالم الأجسام الكبيرة (عالمنا) فمن يستطيع تغيير قوانين الكون و يخلق عالم مستقل بقوانين مختلفة تماماً تعتبر أسس علم ميكانيكا الكم Quantum Mechanics
ثالثاً: و هو السؤال الأعجب من يستطيع ربط عالمين كل منهما مستقل بذاته و قوانينه و مع هذا يبنى أحدهما مرتكزا على الآخر ؟ بمعنى أن الأجسام الكبيرة (كأجسامنا مثلاً) ما هي إلا تجمع ملايين الأجسام متناهية الصغر (كالذرات مثلاً) فكيف تحكم الأجسام الكبيرة قوانين تختلف تماماً عن قوانين مكوناتها الأساسية (الذرات) التي تحكمها قوانين ميكانيكا الكم و هي تختلف تماماً عن القوانين الميكانيكا الإعتيادية التي تحكم عالم الأجسام الكبيرة ؟
و الآن فلنفكر معاً في الإجابة...
و الآن فلننظر إلى الكون بل إلى كوكب الأرض فقط بما فيه من خيرات و ألوان مبهجة من بحار و أشجار و مباهج الحياة و ألوان الطعام بل و حتى من نحب من المحيطين بنا...كون رائع تم إعداده خصيصاً ليس فقط بإحتياجاتنا الأساسية من طعام و شراب بل كون أوجده محب بالغ الكرم مطلق القدرة فأعد لنا أصنافاً لا تحصى من الطعام و الشراب بل و أسرار تشحذ طاقة الإبتكار و الإكتشاف لدينا فيرضي الأذواق جميعاَ أيا كان ذوقك فستجد متعتك على هذا الكوكب الصغير...فمن هو هذا القدير الكريم ؟ بل و الأعجب لماذا قدم لنا كل هذا؟ ماذا يريد من هذا العرض المغري؟ ما غرضه و ما الفائدة التي سيجنيها بعد هذا العطاء الكبير؟ ماذا يمكن للإنسان أن يقدم لهذا القادر على فعل ما يريد؟
هناك تفسيرات عديدة أشهرها أن الكون أوجد نفسه بنفسه دون تدخل من أحد و أخذ في التطور و التعديل حتى وصل إلى مستوى الثبات التي هو عليها الآن...تفسير مع كامل إحترامي مليء بالثقوب فعلى أي أساس كان هذا التطور فكما ذكرنا من قبل في نظرية داروين و كيف إنتقدها الكثير من العلماء منهم الملحدين أنفسهم فإن الكون لا يتطور للأقوى فقط و إنما بعض الكائنات تطورت لأجمل كالفراشة الملونة مثلاً و كذلك عجزت النظرية عن تفسير ليس فقط تطور الكون بل سلوك الإنسان نفسه و ظهور أخلاقيات مثل التضحية و الإيثار التي أحيانا تتعارض من مصلحة الإنسان وهكذا لن نستطيع أن نوجد معادلة فيزيائية تعبر عن حالة الثبات الحالية للكون و لا ننسى أن الكون إلى هذه اللحظة مازال يتطور و يتمدد و يتغير وفق نظام فشل الإنسان في تفسيره أو الوصول لأسراره فمازال الكون مليء بالأسرار و التناقضات التي عجز العلم تماما عن إيجاد تفسير لها حتى الآن...إذا كنا قد فشلنا في معرفة أسرار الذرة و ال DNA حتى كانت نظرية الشك لهايزنبرج أحد أهم أسس ميكانيكا الكم (و هو العلم الذي يضع القوانين التي تحكم عالم الذرات) فما بالك بأسرار الكون...؟؟
عذراً قصة الكون أوجد نفسه بنفسه تعارض المنطق البسيط أن لكل فعل فاعل فإذ أردت أن تقول أن الكون أوجد نفسه بنفسه فمن أوجده عند نقطة البداية إذن...دائرة مفرغة ندور حول نفس السؤال كما السؤال الفلسفي الشهير من خلق أولا البيضة أم الفرخة ؟ سؤال بلا إجابة و من ثم فإن هذا التصور يودي بنا إلى نقطة الدائرة المفرغة التي لا تجدي و لا تفسر
و الآن سأعطيك تصوراً للإجابة المنطقية كما اراها و التي أراها التفسر البسيط المباشر لكل التساؤلات السابقة
ببساطة تخيل معي أن هناك قوى عظمى وراء هذا الكون هذه القوى القادرة هي الله تعالى و هو سبحانه –و لله المثل الأعلى-نقطة البداية...
هو خالق الكون (صانع اللعبة و لله المثل الأعلى) و قد وضع فيه كل سبل الحياة للإنسان ليس فقط الأساسيات بل و الكماليات و الرفاهيات و أوجد فيه كل ما يستنفر فينا حس الإبتكار و وضع فيه من الأسرار و الغموض ما يستثير فضولنا فنكتشف و نتعلم و نبتكر و من ثم نجد لحياتنا مغزى و هدف و خلق فينا الرغبة في المعرفة للبحث و التعلم و أوجد فينا صفات كثيرة تعيننا على تحمل صعاب الحياة كالحب و المثابرة و الإرادة...الخ
و لأنه الخالق فهو واضع القوانين و من ثم فهو الوحيد القادر على إيقاف هذه القوانين وقتما و أينما يريد و هو من أخضع كل مخلوقاته و أجبرهم على الإنصياع لهذا القوانين بدقه متناهية و عدم الحيد عنها إلا بإذنه سبحانه
و هنا تأتي إجابة السؤال الأساسي من خلق الله؟ (استغفرك ربي و اتوب إليك) فلكل موجود واجد هذه القاعدة التي نعرفها و لكن واضع القاعدة لا تنطبق عليه القاعدة فكما أنه من الغباء تصور أن من صنع لعبة بلاس ستيشن مثلاً ستنطبق عليه قوانين اللعبة التي صنعها ووضع قواعدها بنفسه فكذلك من الغباء أن نتصور أن قوانين العالم التي وضعها الله تعالى ستنطبق عليه سبحانه فهو خارج حدود هذه القوانين تماماً و لا تنطبق عليه على الإطلاق
و لأنه واضع القوانين فهو سبحانه القادر على تعطيلها ووقفها و تعديلها لهذا فهو سبحانه من غيّر هذه القوانين فوضع قوانين مختلفة تحكم عالم الأجسام متناهية الصغر فكان علم ميكانيكا الكم Quantum Mechanics بقوانينه المختلفه عن قوانين عالم الأجسام الكبيرة و لأنه سبحانه قادر على كل شيء فقد بنى عالم الأجسام الكبيرة بقوانينه على عالم الأجسام المتناهية الصغر بقوانينه دون تعارض لأنه سبحانه المتحكم الأوحد في العالمين
و قد أعطانا الله تعالى المثل في قدرته على تعطيل القوانين في قصة سيدنا إسماعيل عليه السلام و كيف أن السكين التي من المفترض أن تذبح فقد نصلها قدرته فلم يذبح سيدنا إسماعيل عليه السلام و فقدت النار قدرتها على الحرق في قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام و لم يمضغ الحوت سيدنا يونس عليه السلام و هكذا كلها أمثلة أن إرادة الله تعالى التي أوجدت القوانين هي نفسها من عطلتها إذا أراد سبحانه و تعالى
قارن هذه الإجابة البسيطة بتصور أن الكون قد أنشأ نفسه بنفسه عبر ملايين السنين و تخيل كم الثقوب في هذا الفكر العجيب الذي يحاول بشتى الطرق التشويش على الإنسان و إبعاده عن الحل البسيط البديهي الواضح فإذا أنشأ الكون نفسه فمن أوقفه عن الإستمرار في خلق الكائنات و من أخضع الكائنات للقوانين في مختلف الأزمنة و الأماكن و من ضمن أن القوانين لن تتغير و كيف تطور للأجمل ليس فقط للأقوى و من أوجد الحس الجمالي و الدقة المتناهية في أشياء بسيطة كجناح الفراشة... دقة الكون الشديدة و ما به من جمال تمنعان أن يكون قد نشأ بصورة عشوائية دون هدف و دون ضامن لإستمرارية خضوعه لنفس القوانين و من يضمن الا تتعارض القوانين مع بعضها البعض...فكر عجيب بعيد عن أبسط قواعد المنطقية و العقلانية ومع هذا يروج له كأنه هو الفتح الأعظم و الفكر العميق بينما الإجابة الواضحة السلسة يتم التشويش عليها بتهم السذاجة و اللامنطقية ؟؟