موقع السراج
الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم
آيات العنف...المعنى الحقيقيسورة 48 الآية 29
هذه الآية من سورة الفتح يقول تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) - سورة الفتح آية 29
كلما قرأت هذه الآية الكريمة و أنا أعلم الإدعاءات الكاذبة الجائرة بأنها تحض على العنف كلما تيقنت أن من يروج لهذا الإدعاء لم يقرأ الآية كاملة و إنما إجتزأ منها قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) ثم إدعى أنها تفرقة بين المسلم و غير المسلم و لهذا وجب أن نذكر الآية كاملة ثم نبدأ في شرح الآيات و لنلاحظ الآتي:
- الكلمة المذكورة في الآية هي (أَشِدَّاءُ) و هي لا تعني بلا رحمة كما يظن البعض و إنما المقصود أقوياء و صارمون و جادون ومجتهدون في عداوتهم وساعون في ذلك بغاية جهدهم أما بلا رحمة فهي ترجمة غير صحيحة
- الكفار المذكورون في الآية المقصود بهم من عذبوا و قاتلوا المسلمين فكيف بالله عليك نطالب المسلمين بإظهار الشفقة تجاه من إعتدوا عليهم بلا سبب سوى إيمانهم بالله
- رجاء لاحظ الجزء من الآية حيث يقول تعالى: (ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ) بمعنى أن هذه الصفات منطبقة على المؤمنين في كل زمان و مكان سواء كانوا مسلمين أو نصارى أو يهود و هذه الصفات سبق ذكرها في التوراة و الإنجيل إذن لماذا إعتبرت هذه الصفات عندما ذكرت في القرآن داعية للعنف بينما لم تتهم الآيات المناظرة في التوراة و الإنجيل بالعنف؟ و إذا كانت هذه الصفات عامة لكل مؤمن بالله فكيف تتهم هذه الآية بالتفرقة بناء على الدين رغم أنها صفات كل مؤمن بالله و لهذا ذكرت الصفات في التوراة و الإنجيل و القرآن
- عندما تقول الآية الكريمة: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ) فإن هذا لا يعني العلامة التي تظهر في رأس الإنسان من كثرة السجود فهي لا تعتبر دليلاً على صلاح الإنسان أو عدمه و إنما المقصود آثار تقوى الله تعالى و التواضع و الوقار و الخشوع و حسن الخلق و هو ما يظهر في وجه الإنسان لكثرة سجوده لله تعالى فالله تعالى يوضح لنا أن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يمكن التعرف عليهم بسهولة من النظرة الأولى لأن نور حب الله يبدو جليا في وجوههم وهو ما وضحه الإماما مالك رضي الله تعالى عنه عندما فتح المسلمون سوريا قال السوريون المسيحيون: لهؤلاء القوم نفس صفات حواريي المسيح عليه السلام
مثال مشابه يبدو في خطبة ألقاها سيدنا عيسى عليه السلام و ذكرت في العهد الجديد حيث يقول عليه السلام في إنجيل مرقس الإصحاح 4 الآيات من 26 حتى 32: ((وقال: هكذا ملكوت الله: كأن إنسانا يلقي البذار على الأرض وينام ويقوم ليلا ونهارا، والبذار يطلع وينمو، وهو لا يعلم كيف لأن الأرض من ذاتها تأتي بثمر. أولا نباتا، ثم سنبلا، ثم قمحا ملآن في السنبل وأما متى أدرك الثمر ، فللوقت يرسل المنجل لأن الحصاد قد حضر وقال: بماذا نشبه ملكوت الله؟ أو بأي مثل نمثله مثل حبة خردل، متى زرعت في الأرض فهي أصغر جميع البزور التي على الأرض ولكن متى زرعت تطلع وتصير أكبر جميع البقول، وتصنع أغصانا كبيرة، حتى تستطيع طيور السماء أن تتآوى تحت ظلها)) كما يوجد آيات بنفس المعنى في إنجيل متى الإصحاح 13 الآيات 31 و 32