موقع السراج
الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم
آيات الجهاد...المعنى الحقيقيالآيات (4: من الآية 74 الى الآية 76)
قال تعالى: (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) – سورة النساء من 74 الى 76
قبل أي محاولة للشرح لابد أن أذكر انني لم أجد أي ممن هاجم هذه الآيات الكريمة و أدعى أنها تحض على العنف يضعها في سياقها الحقيقي و العجيب أن الآية 75 لا تذكر ابدا من كل مهاجم كأن 75 فجأة لم تعد تقع بين 74 و 76 !! سبحان الله
الشرح و التوضيح
الآية الأولى توضح من عنده الإستعداد للقتال في سبيل الله تعالى فتوضح الآية الكريمة أنهم (الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بالآخِرَةِ) أي يبيعون حياتهم و يضحون بها طمعا في حسن الجزاء في الآخرة و لاحظ ان في اللغة العربية (يشرون) بمعنى (يبيعون) –عكس (يشتري)- فلنفكر قليلا ما صفات الأفراد الذين تتحدث عنهم الآيات. هل هم مقاتلون غازون لا يرون نصب أعينهم إلا بريق الغنائم...لا أظن لأن الواقع أن الجيش المسلم كان الأقل عتادا و عدة فلماذا إذن يبيع ما تبقى له و هو حياته؟؟
عندما نزلت هذه الآيات الكريمة كان المسلمون في المدينة بعد ان هاجروا من مكة هروبا بدينهم من الأضطهاد و التعذيب الذي عانوا منه في مكة و في هذا الوقت كان هناك بعض المسلمين المستضعفين في مكة تخلفوا عن الهجرة خوفا من بطش قريش و من هؤلاء سلامة أبن هشام والوليد ابن الوليد و عايش ابن ابي ربيع و ابن عباس و امه رضي الله عنهم جميعا الى جانب عدد من العائلات المسلمة التي لم تمتلك ما يوفر لها خروجا أمانا من مكة. هؤلاء هم من تتحدث عنهم الآية 75 حيث يقول تعالى: (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) و (القرية) المقصودة بالآية الكريمة هي (مكة)
هذه الفكرة تدعمها الآية اللاحقة حيث يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) أي ان المقاتلين ضد المسلمين كانوا يحاربون من أجل (الطاغوت)...فمن هو الطاغوت؟
من هو الطاغوت
الطاغوت في اللغة مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد، ومجاوزة الحق إلى الباطل فهو كل من يتجاوز الحدود في الظلم وهي في اللغة العربية تستخدم للجمع و المفرد اذن الحرب التي يأمر الله تعالى المسلمين بخوضها هي حرب ضد طغيان البشر و عنتهم و اغتصاب حقوق الناس حريتهم فبرجاء ملاحظة أن (الطاغوت) معناه من طغى من البشر هذا الطاغية هو من أمر الله تعالى بقتاله في هذه الآية الكريمة حفاظا على حقوق الناس و ضمان حرية اختاريهم
حرية الإختيار قضية خطيرة في الإسلام..لماذا؟ لأن العقل هو ما ميز الله تعالى به الإنسان و هو الآداة التي يحتاجها الإنسان لإختيار طريقه في كل مناحي حياته فإذا نزعنا منه حرية الإختيار فقد نزعنا منه سمة من سمات إنسانيته و نسلبه أعظم حقوقه التي من الله تعالى بها عليه و لهذا فإن نزع حرية الإختيار من البشر مرفوض تماما في الإسلام. هذه الفكرة تدعمها باقي الآيات حيث يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) – سورة النساء آية 79
فمشكلة الشيطان الحقيقية مع البشر هي تكريم الله تعالى له لأنه أكرمه بالعقل و منحه حرية الإختيار لذلك عندما يحاول إنسان سلب آخر حرية الإختيار فهو بلا شك حليف للشيطان لأنه يريد أن يسلب البشر حق أقره الله تعالى لهم
و تؤكد الآية للمؤمنين أن (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) لأن الشيطان لا يملك إجبار البشر على شيء و إنما يقتصر دوره على الإغواء و لهذا أوجب الله تعالى على المؤمن أن يحارب كل طاغية لضمان حرية البشر في إختياراتهم لدياناتهم حتى و إن إختاروا غير الإسلام و قد ناقشنا من قبل أمثلة تاريخية مثل مصر و الحرية التي تمتع بها أقباط مصر في كنف الإسلام و كذا العصر الذهبي للثقافة اليهودية في الأندلس التي ازدهرت تحت مظلة الدولة الإسلامية