موقع السراج
عفتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ
بقلم حسان بن ثابت رضي الله عنه
مناسبة القصيدة
الأبيات في هجاء قريش والرد على شاعرها أبي سفيان بن الحارث ، وكان قد هجا النبي صلى الله عليه و سلم قبل إسلامه يوم الفتح
إلى عذراءَ منزلها خلاءُ | عفتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ، | |
تعفيها الروامسُ والسماءُ | دِيَارٌ مِنْ بَني الحَسْحَاسِ قَفْرٌ، | |
خِلالَ مُرُوجِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ | وكانَتْ لا يَزَالُ بِهَا أنِيسٌ، | |
يُؤرّقُني إذا ذَهَبَ العِشاءُ | فدعْ هذا، ولكن منْ لطيفٍ، | |
فليسَ لقلبهِ منها شفاءُ | لشعثاءَ التي قدْ تيمتهُ، | |
يَكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وَماءُ | كَأَنَّ خَبيأَةٍ مِن بَيتِ رَأسٍ | |
منَ التفاحِ هصرهُ الجناءُ | عَلى أنْيَابهَا، أوْ طَعْمَ غَضٍّ | |
فَهُنّ لِطَيّبِ الرَاحِ الفِدَاءُ | إذا ما الأسرباتُ ذكرنَ يوماً، | |
إذا ما كانَ مغثٌ أوْ لحاءُ | نُوَلّيَها المَلامَة َ، إنْ ألِمْنَا، | |
وأسداً ما ينهنهنا اللقاءُ | ونشربها فتتركنا ملوكاً، | |
تُثِيرُ النَّقْعَ، مَوْعِدُها كَدَاءُ | عَدِمْنَا خَيْلَنا، إنْ لم تَرَوْهَا | |
عَلَى أكْتافِهَا الأسَلُ الظِّماءُ | يُبَارِينَ الأسنّة َ مُصْعِدَاتٍ، | |
تلطمهنّ بالخمرِ النساءُ | تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ، | |
وكانَ الفَتْحُ، وانْكَشَفَ الغِطاءُ | فإما تعرضوا عنا اعتمرنا، | |
يعزُّ اللهُ فيهِ منْ يشاءُ | وإلا، فاصبروا لجلادِ يومٍ، | |
وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ | وَجِبْرِيلٌ أمِينُ اللَّهِ فِينَا، | |
يقولُ الحقَّ إنْ نفعَ البلاءُ | وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ أرْسَلْتُ عَبْداً | |
فقلتمْ: لا نقومُ ولا نشاءُ | شَهِدْتُ بِهِ، فَقُومُوا صَدِّقُوهُ! | |
همُ الأنصارُ، عرضتها اللقاءُ | وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ يَسّرْتُ جُنْداً، | |
سِبابٌ، أوْ قِتَالٌ، أوْ هِجاءُ | لنا في كلّ يومٍ منْ معدٍّ | |
ونضربُ حينَ تختلطُ الدماءُ | فنحكمُ بالقوافي منْ هجانا، | |
فأنتَ مجوفٌ نخبٌ هواءُ | ألا أبلغْ أبا سفيانَ عني، | |
وعبد الدار سادتها الإماء | وأن سيوفنا تركتك عبدا | |
تُعفيِّها الرّوَامِسُ والسّمَاءُ | كَأنّ سَبِيئَة ً مِنْ بَيْتِ رَأسٍ، | |
وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ | هجوتَ محمداً، فأجبتُ عنهُ، | |
فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُمَا الفِداءُ | أتَهْجُوهُ، وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ، | |
أمينَ اللهِ، شيمتهُ الوفاءُ | هجوتَ مباركاً، براً، حنيفاً، | |
ويمدحهُ، وينصرهُ سواءُ | فَمَنْ َهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ، | |
لعرضِ محمدٍ منكمْ وقاءُ | فَإنّ أبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي | |
جُذَيْمَة َ، إنّ قَتْلَهُمُ شِفَاءُ | فإما تثقفنّ بنو لؤيٍ | |
ففي أظفارنا منهمْ دماءُ | أولئكَ معشرٌ نصروا علينا، | |
وَحِلْفُ قُرَيْظَة ٍ مِنّا بَرَاءُ | وَحِلْفُ الحارِثِ بْن أبي ضِرَارٍ، | |
وَبَحْرِي لا تُكَدِّرُهُ الّدلاءُ | لساني صارمٌ لا عيبَ فيهِ، |