موقع السراج
إذا كان الله تعالى قد حدد اقدارنا و كتبها في اللوح المحفوظ و نحن لا نملك تغيير الأقدار فلماذا نحاسب؟ كيف نحاسب على أفعال قدر لنا أن نقوم بها ؟
لتبسيط الأمر تخيل انك تدرس في مدرسة مع معلم خبير قدير ذو كفاءة مطلقة و أنه يعرف كل طالب حق المعرفة فإذا وضع هذا المعلم القدير إمتحاناً الا تظن انه سيعرف من سينجح في الامتحان و من سيرسب فيه بل وسيستطيع ان يعرف الأخطاء التي سيرتكبها بعض الطلبة لأنه يعلم تماما نقاط الضعف و القوة في كل طالب
ولله المثل الأعلى فالله تعالى يعلم تمام العلم نقاط القوة و الضعف في كل من خلق كما انه هو سبحانه من وضع لنا مواضع الإختبار في حياتنا و من ثم فهو سبحانه الخبير القدير الذي يعلم يقينا كيف سيجيب كل منا على إختباراته سبحانه و من ثم فكتابة اقدارنا في اللوح المحفوظ لا تنفي حرية إرادة البشر و إنما هي بحكم علم الله اللانهائي و فهمه تعالى لنقاط القوة و الضعف في خلقه
لماذا يتم الآن و بإستماته الزج بالحتمية و فرضية ان البشر مسيرون في حلق البشرية رغم انف الجميع؟
رغم أننا جميعا نشعر بأننا مخيرون قادرون على المناقشة و أخذ القرار في كل الأمور إلا أننا نواجه موجة شرسة تحاول إقناعنا أننا ضحايا عديمي الإرادة فاحيانا نحن ضحايا جيناتنا (كما إدعى دوكينز) أو أننا ما نحن إلا ترس في آلة الكون التي تسير وفق قوانين ثابتة لا تتغير...لماذا هذه المحاولة لسلب الإرادة منا؟ الأسباب كثيرة منها
ما هو الدليل العقلي البسيط على وجود حرية الإرادة عند البشر؟
هذا التساؤل قد يظهر ايضا بسبب وجود بعض الآيات القرآنية التي تقر بمشيئة الله تعالى المطلقة مثل الآية الكريمة في سورة الكهف أية 17 حيث يقول تعالى: ((مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا)) و امثلة كثيرة لآيات تحمل نفس المعنى فإذا كان الله تعالى قد قرر مصائرنا سلفاً فلماذا يحاسبنا إذن طالما هو من قرر من يهدي و من يضل ؟
- هل تحب الشيكولاتة...هل تفضل نوع معين...فلتشتري واحدة إذن لا تتردد مثل هذه المناقشات سواء مع أحد أو بينك و بين نفسك هي ابسط دليل -لا يحتاج علماء الفيزياء لشرحه- على انك حر الإرادة و إذا كنا لسنا أحرارا لماذا تصرف بلايين الجنيهات على الحملات الدعائية للمنتجات المختلفة إذن فالعقل الواعي يدرك تماما اننا اصحاب إرادة حرة هل تنتمي لحزب معين...هل لك موقف سياسي معين ؟ هذا دليل على انك حر الإرادة هل انت مسلم أم مسيحي أو لك أي انتماء ديني او حتى اخترت ان تكون ملحدا؟ هذا دليل على انك حر الإرادة
- القانون الجنائي في أي دولة يبنى على فرضية أن للإنسان إرادة الإختيار و إلا فلماذا أجمعت كل انظمة البشرية و دولها منذ فجر التاريخ إلى اليوم على أهمية وجود قانون يعاقب المذنب؟ و بل يشترط القانون الجنائي في كل دول العالم بمختلف ثقافاتها و معتقداتها أن يكون الإنسان واعيا أثناء إرتكابه الفعل بالنتائج و تفرق بين من إرتكب الجريمة و هو قادر على الإمتناع عنها و من يرتكبها تحت التهديد مثلا. لو كنا لا نملك الإرادة الحرة فلماذا يحاسبنا القانون على أفعالنا إذن
و الخلاصة
حقيقة ان تمتعنا بحرية الإرادة شيء نشعر به جميعا و كما يقول الفيلسوف المعاصر مارك بالاجير : ((ليس هناك دافع وجيه لإنكار الإرادة الحرة التي يستشعرها كل منا)) أما المعتقدات بالحتمية البيئية (معناها أننا عبيد البيئة التي نشئنا فيها فهي من تحدد لوكياتنا) فبالرغم من إعترافنا بتأثير البيئة على سلوك الفرد فقد أثبت العلم قصور هذه النظرية فكم من الدراسات التي اجريت على التوائم المتطابقة التي تربت في بيئة واحدة و مع هذا هناك إختلافات سلوكية كبيرة بينهما
و كذلك الحتمية البيولوجية (نحن عبيد جيناتنا) و التي ناقشنا أوجه القصور فيها سابقا و من ثم فنحن نضم صوتنا للرأي القائل أن إنكار حرية إرادة الإنسان محاولة فاشلة للهروب من مسئوليته عن نتائج قراراته