موقع السراج

في سورة الإسراء آية 60
يقول الله تعالى: ((وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا))
فما هي الشجرة الملعونة و لماذا لعنت؟؟؟
من خواطر الشيخ الشعراوي حول هذه الآية الكريمة

أولا: الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم التي قال الله تعالى عنها: ((إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ )) – سورة الصافات 64 و 65

ثانيا: كيف لشجرة ان تكون في أصل الجحيم؟ كيف لها الا تحترق؟ و من هنا كانت الفتنة و هذا ما حدث بالفعل فلقد تعجب كفار قريش من الآية فقال ابو جهل: (إسمعوا إلى ما يحدثكم به قرآن محمد) فكيف لشجرة ان توجد وسط نيران مستعرة و هنا يوضح الشيخ الشعراوي أن (الأشياء لا تأخذ قوامها بعنصر تكوينها و إنما حسب قانون المعنصر نفسه) فالشجرة هنا تخضع لما وضعه الله تعالى لها من قانون كما قال تعالى للنار كوني برداً و سلاماً و كما منع السكين من ذبح نبي الله إسماعيل عليه السلام لطلاقة قدرته سبحانه و تعالى و لهذا قال تعالى عن نفس الشجرة : ((أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ )) – سورة الصافات الآيات 62-65 أي انها ستمثل فتنة للظالمين ليس المؤمنين لقناعتهم بطلاقة قدرة الله تعالى

ثالثا: قد يتسائل أحد لماذا يلعن الله تعالى شجرة ؟ ما ذنب الشجرة كي يلعنها الله تعالى؟ هي لم تخلق نفسها بل هي آية من آيات الله و لا تملك إرادة فكيف يلعن الله تعالى أحد مخلوقاته التي لا تمتلك إرادة و لا تملك من أمر نفسها شيئاً ؟

الإجابة
الله تعالى لم يلعن شجرة الزقوم فقد بنى الفعل (الْمَلْعُونَةَ) للمجهول و لم يحدد الفاعل لأن من يلعنها هو الكافر الذي لن يجد غيرها طعاما له في الجحيم إذن اللاعن للشجرة هو الكافر كما انه في لغة العرب المعتاد أن يطلق العربي على كل ما هو ضار لفظ (الملعون) وقيل كذلك أن العرب تقول لكل طعام مكروه ضار: ملعون إذن فاللاعن هنا هو الكافر

رابعاً: كيف يشبه الله تعالى في القرآن شجرة الزقوم برؤوس الشياطين رغم أننا لا نعرف كيف تبدو رؤوس الشياطين؟ أليس الغرض من التشبيه في اللغة العربية توضيح المعنى؟ إذن كيف يكون التوضيح عن طريق تشبيه الشجرة بشيء مجهول (رؤوس الشياطين)؟

الإجابة
في لغة العرب إعتاد العربي قبل نزول القرآن على أن يشبه الأمور بأشياء غير معروفة مثل الغيلان و الجن و الشياطين كقول الشاعر امرىء القيس

هنا شبه بالغول فهل يعلم أحد شكل الغول إنما هناك صورة في خيال العربي للغول تدل على البشاعة و القوة ففي البيت السابق شبه السهام المحدودة بأنياب الأغوال للمبالغة في توضيح بشاعتها كذلك التشبيه برأس الشيطان فتخيلها كيفما تريد لكن أيا كان تصورك فهو بشع لهذا شبه الله تعالى شجرة الزقوم برأس الشيطان المجهول شكلها الفعلي لنا إمعانا في تصوير بشاعتها ليطلق لخيال القاريء العنان ليتخيل بشاعة الشجرة كما يريد فهو إبهام يوضح المعنى و هذا التخويف الغرض منه تنبيه الناس لخطورة الكفر و هو من رحمته سبحانه و تعالى بعبيده

---

---