موقع السراج
الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم
آيات العنف...المعنى الحقيقيسورة 8 الآية 59-60
يقول تعالى: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ) – سورة الأنفال الآيتان 56-60
عمن تتحدث الآية رقم 59؟
تتحدث الآية عن غزوة بدر بين المسلمين الذين هربوا الى المدينة فرارا بدينهم من إيذاء كفار قريش و هي المعركة التي انتصر فيها المسلمون رغم قلة عددهم
تشرح الآيات السابقة وضع المسلمين فيقول تعالى في الآية 26: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) – سورة الأنفال آية 26
كما تشرح الآيات التالية موقف الكفار فيقول تعالى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) – سورة الأنفال آية 30
و كذلك الآية الكريمة: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) – سورة الأنفال آية 36
إذن كفار قريش لاحق المسلمين و طاردوهم و عذبوهم و قاطعوهم و استولوا على أموالهم و ممتلكاتهم فلم يعد للمسلمين حلا إلا الفرار و الهجرة الى المدينة و ترك ممتلكاتهم و أراضيهم. كانت غزوة بدر أولى الغزوات و المواجهات القتالية بين المسلمين و كفار قريش...و نتصر المسلمون –الأقل في العدد و العتاد- فكان هناك من الكفار قتلى و أسرى و فارين
إذن عمن تتحدث الآية الكريمة
تأمر الآية الكريمة المسلمين بالإستعداد (لَهُمْ) فمن (هُمْ)؟
- الكفار الذين قاتلوا المسلمين و اضطهدوهم
- الخونة الذين جاء ذكرهم في آية سابقة في الآية 58: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) ففي الإسلام إذا التزمت بمعاهدة مع طرف ثم قام هذا الطرف بخيانة العهد فعلى المسلمين تحذيره من مغبة الخيانة و الغاء المعاهدة ثم يقاتلوهم طالما لم يكفوا عن خيانتهم
- أعداء يضمرون الشر لأمة الإسلام و لكن لم يظهروا على الساحة الى الآن و لكن الله تعالى يعلمهم و يعلم ما يضمرون من شر قال تعالى: (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ)
إذن هل الآية 60 من سورة الأنفال تحمل في طياتها دعوة للحرب؟
رجاء لاحظ كلمة (تُرْهِبُونَ) إذن ليس الغرض من الإستعداد للحرب (قتال) العدو و إنما إخافته من الإعتداء بمعنى أن يستعد المسلمون أقصى درجات الإستعداد قدر طاقتهم للحصول على قوة عسكرية تجعل العدو يفكر مرتين قبل الإعتداء عليهم. ألا يذكرك هذا بالمناورات الحربية التي تقوم بها الدول في العصر الحديث لإستعراض قوتهم أمام العالم حتى يفكر أي عدو –ظاهر أو خفي- مرتين قبل أن يهاجمهم
حقيقة تعتبر تعادل القوى الحربية أحد طرق تحقيق السلام المتوازن بين الدول العظمى فالدول الضعيفة العاجزة تعتبر مطمعا للدول الكبرى لتحل أزماتها الإقتصادية على حساب مواردها و مقدراتها و من ثم من السهل على الدول القوية أن تختلق أية مبرر للهجوم على الدول الضعيفة...إذن القوة العسكرية أحد أهم ركائز السلام في الأمم فبها تصان الدول و الشعوب
إذن هذه الآية الكريمة لا تحمل معنى الإعتداء و التجني فهي لا تدعو المسلمين (لقتال) أو (لإعتداء) و إنما لتدرأ عن الأمة الإسلامية أية قوة تضمر الشر لها فتبعد فكرة الإعتداء عليها عن أذهانهم و الدليل في الآية التالية مباشرة حيث يقول تعالى: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) – سورة الأنفال آية 61
و لاحظ كذلك قوله تعالى: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) أي إن مالوا - يعني الذين نبذ إليهم عهدهم - إلى المسالمة ، أي الصلح ، فمل إليها فيكفي أن يميل العدو للسلام حتى يوافق عليه المسلمون مباشرة مما يدل أن السلام هو الهدف ليس الحرب أو الإنتصار أو إجبار الناس على الإسلام أو أي من هذه الإدعاءات السخيفة