موقع السراج
الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم
بعض المباديء السمحة في الإسلامخامسا: تشجيع التفكير المنطقي
خلق الله تعالى الإنسان لهدف و اعطاه العقل ليفكر و الإرادة للإختيار و لم يجبر البشر على الإيمان به. أما الملائكة مثلا فلا خيار لهم فإيمانهم ليس اختياريا بل جبريا لأنهم ليسوا مخيرين اما نحن البشر فلنا حرية الإختيار و أيا كان اختيارنا فإن الله تعالى اقتضت عدالته ليس فقط الا يجبرنا على اختيار معين بل وعدنا الا يؤثر هذا الاختيار على ارزاقنا فمثلا الله تعالى لن ينتقم من الكافر بإمراضه أو إفقاره..يقول تعالى: (ووَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) – سورة البقرة آية 126. إذن فالإمتاع في الدنيا مكفول حتى للكافر
أراد الله تعالى-و هو الغني عنا- أن نحبه اختياريا فيقول سبحانه في كتابه العزيز: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) – سورة يونس آية 99. توضح الآية الكريمة أن الإسلام يرفض تماما فكرة إكراه الناس على الإيمان لأنه يتعارض مع الحكمة من خلق البشر مخيرين. يقول تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) – سورة البقرة آية 256
لو أراد الله تعالى لكل البشر أن يؤمنوا لخلقنا كالملائكة بدون القدرة على الإختيار و لكنه تعالى أراد بحكمته أن نكون مخيرين و بالتالي سلحنا بالعقل لأنه هو المصباح الذي سيرشد الإنسان الى طريقه سبحانه و تعالى و لهذا شجعنا على استخدام العقل و لهذا نجد غي القرآن كثيرا آيات مثل: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) – (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) و هكذا. في الحقيقة تكرر ذكر كلمة (العقل) ومشتقاته في القرآن الكريم 49 مرة (و يلاحظ أنه بنفس العدد تكرر ذكر كلمة (النور) ومشتقاتها
و في آيات اخرى يأمرنا الله تعالى أن نسأله العلم فقال تعالى: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) – سورة طه آية 114 و أول آيات القرآن يقول تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) – سورة العلق آية 1
و في آيات أخرى وضح الله تعالى قيمة العالم فقال تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) – سورة الزمر آية 9 و في آيات أخرى يلوم الله تعالى المتقاعص عن استخدام فضيلة التفكير فيقول: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) – سورة الأنفال آية 22
و عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ((إذا مات الرجلُ انقطعَ عملُهُ إلَّا من ثلاثٍ ولدٍ صالحٍ يدعو لَهُ ، أو صدقةٍ جاريةٍ أو علمٍ يُنتَفعُ بِهِ)) – اخرجه مسلم و عن ابي أمامة ان النبي صلى الله عليه و سلم قال: ((فضلُ العالمِ على العابِدِ ، كفَضْلِي علَى أدناكم ، إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وملائِكتَهُ ، و أهلَ السمواتِ والأرضِ ، حتى النملةَ في جُحْرِها ، وحتى الحوتَ ، ليُصَلُّونَ على معلِّمِ الناسِ الخيرَ)) – أخرجه الترمذي
و حتى فيما يتعلق بقضية الإيمان بالله يحثنا الإسلام على التفكير و التساؤل و لا ننسى قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما سأل ربه تعالى أن يريه كيف يحي الموتى. هذه القصة خلدها الله تعالى بذكرها في القرآن الكريم حتى يقرآها البشر الى يوم الدين إعلاء لقيمة التفكير و التساؤل فيقول تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) – سورة البقرة آية 260
ومما سبق يتضح لنا أن الإسلام ليس دين الإيمان القهري و إنما دين يعلي قيمة التفكير المنطقي الغير منحاز و أوضح أنه افضل الطرق للإيمان الصحيح لهذا شجع البشر على هذا المسلك. الكاتب و المفكر الإسلامي الكبير الدكتور مصطفى محمود يعتبر من أشهر من سلك هذا الطريق و شرح رحلته الطويلة تفصيليا في كتابيه (رحلتي من الشك إلى الإيمان) و (حوار مع صديقي الملحد) و هما كتابان قيمان ننصح بقراءتهما
مكتبة نور - كتب الدكتور مصطفى محمود
هذا العالم الجليل رفض أن يرث الدين دون إعمال العقل و لهذا قرر أن يتحرر من الأديان ثم بحث بنفسه عن الطريق الى الله. ما فعله الدكتور مصطفى محمود هو رحلة شاقة من البحث عن طريق الهداية بقلب و عقل قابلين لتلقي المعلومة و تحليلها بدقة و بحيادية للوصول الى اليقين فوجده و هذا ما يريد الله تعالى منا جميعا..البحث و التفكير و التحليل المضني لتصل الى يقين لا يتزحزح...هذا هو الإسلام
لا يريد الإسلام من البشر أن يتوارثوا الدين فيكون بمثابة معلومة فاترة في بطاقة تعريف الشخصية و إنما يريد المسلم يقينا بقلبه و عقله و روحه. هذا الباحث صاحب البصيرة النافذة لا يعقل أن يكون إرهابيا لا يتغذى الا على دماء الآخرين و لا يعرف إلا السلاح كوسيلة إقناع...هو إنسان و بالتالي فهو يصيب و يخطيء و لكن لا يمكن أن يلغي عقله و يغيبه فيقتل بدم بارد